A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran
غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
Yayıncı
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Yayın Yeri
عمان
Türler
استعطافُ الإخوة ليُوسُفَ وردُّه الاستعطاف
ولمَّا تقرَّر أخذُ أخيهم بمقتضى فتواهم، رأى إخوة يوسف عندئذٍ أنفسَهم في مأزقٍ حرجٍ، لا بدَّ لهم فيه من الاستعطاف والاسترحام للخروج منه.
﴿قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ وهو يعقوب - ﵇ - لا يقوى على فراقه، وقولهم: ﴿شَيْخًا كَبِيرًا﴾ فيه إطناب للاستعطاف ﴿فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ﴾ أي نتقدَّم إليك ملتمسين أن تأخذ واحدًا منَّا بدلًا عنه، فلسنا عنده بمنزلته من المحبَّة، فأطلقه لأجل خاطر الشَّيخ الكبير ورحمةً به ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨)﴾ فأتمم إحسانَك علينا، ولا تردَّ سؤالنا! وتذكيره بإحسانه؛ لعلَّه يلين.
وكأنِّي بيُوسُفَ يتصوَّر قُرْبَ انجلاءِ الحقيقة وقربَ تحقُّق رؤياه بمجيء أبيه وأهله جميعًا إليه وسجودهم له، فلم تَلِنْ له قناةٌ:
﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ﴾ أي نعوذُ بالله تعالى أن نأخُذَ أحدًا بجرم الآخر، فليس من العدل ولا الإحسان تركُ الجاني وأخذ البريء، فما هذه الشَّفاعة؟! فلن ﴿نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ﴾ كما قلتُم وأفتيتم وحكمتم، وإنْ أطعناكم فيما تطلبون ﴿إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (٧٩)﴾.
ومع أنَّه لم يقبل شفاعتهم، نراه لم يؤنِّبْهم بأنَّ هذا خلاف فتواكم، ومخالفة لشريعة الله تعالى، و﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)﴾ [الصَّف]، وإنَّما ردَّهم ردًّا حسنًا.
وتجدرُ الإِشارة إلى أنَّه لم يَقُلْ: معاذ الله أنْ نأخُذَ إلَّا مَن سرق؛ تفاديًا للكذب، فهو يعلم أنَّ أخاه ليس بسارق.
1 / 150