البلاغة العربية
البلاغة العربية
Yayıncı
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
Yayın Yeri
بيروت
Türler
ويمكن أنْ نمثِّل له بقوله الله تعالى: ﴿وأحسنوا إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين﴾ [البقرة: ١٩٥] أيْ: ويثيبهم ويدخلهم جنّات النعيم. لأنَّ من أحبّه الله أكرمه وأدخله في رحمته، فهذه من لوازم المحبّة. ونظيره في القرآن كثير.
ويدخل فيه مثل قوله الله تعالى في سورة (الإِسراء/١٧ مصحف/٥٠ نزول) في بيان واجبات برِّ الوالدين:
﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا ...﴾ [الآية: ٢٣] .
أي: ولا تفعل أيضًا ما هو أشدّ!، وهذا يفهم بداهة لأنّ من نُهِيَ عن القبيح الأخفّ فهو منهي عن القبيح الشديد والأشدّ لزومًا عقليًّا.
(ب) وإمّا أنْ يكون معنىً متوسّط البعد، يدركه الذهن دون تأمّل عميق، وينتقل مع لوازم منطوق اللّفظ إليه بغير مشقّة فكريّة.
مثل الكناية عن كَثْرة إطعام الضيفان عند البدو، أنْ يقول قائلهم فلان: "كثير الرَّماد" أيْ: مضياف جَوَاد. لأنَّ كَثرة الرّماد عندهم مِنْ كَثرة إيقاد النَّار، وكثرة إيقاد النَّار مِنْ كَثرة الطبخ عليها، وكَثْرة الطبخ تدلُّ على كَثْرة الضيوف بحسب العادة.
(ج) وإمَّا أنْ يكون معنىً بعيدًا، بسبب كَثْرة لوازمه العقلية، أو بسبب أنَّ هذه اللَّوازم تحتاج إلى تعمّق في التفكير حتّى يدركها الذّهن، وغالبًا لا يدركها إلاَّ الأذكياء والعلماء.
ونُمثِّل لهذا بقول إبراهيم ﵇ حين رفض عبادة الأصنام وكلّ ما في الأرض، وبدأ يبحث عن ربِّه في السماء. كما جاء في سورة الأنعام/٦مصحف/٥٥ نزول):
﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الليل رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هاذا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفلين﴾ [الآية: ٧٦] .
1 / 48