Zawj Marat Rasas
زوج امرأة الرصاص وابنته الجميلة
Genres
لكنك أيضا لم تفهم جعفرا جيدا، فإذا كنت قد فهمته حقا لهربت إلى حبيبتك أببا الحبشية أينما وجدت، اختبأت بين نهديها الدافئين، لكنك رجل بائس، رجل حزين، بائس، كنت وأنت تنضم لجيش الحكومة لتدافع عن وحدة الوطن من الغابة للصحراء، هل حقا أنك التحقت بالجيش لكي تدافع عن وحدة الوطن من الغابة للصحراء؟ هل حقا كنت تفهم ما هي وحدة الوطن؟
هل كنت حقا تفهم ما هو الوطن؟
بل هل كنت تدري أن الوطن يمتد غابات ما بعد الغابات إلى صحاري ما بعد الصحاري والعرب؟
ألم يحدثك قلبك أن وحدة الوطن والتراب لا تعني أحيانا أكثر من الحفاظ على حياة النظام الحاكم؟
ألم يقل لك جعفر: إن وحدة التراب قد تعني أن يضاجع رجل امرأتين في آن واحد، وبنفس العاطفة والتشوق، لكنه لا يصل إلى نشوته أبدا؟ لكنك لا تفهم في الخبائث والسياسة، ولا أيضا في الدين، كنت في 1982 في قمة بؤسك وقمل إبطيك، كنت جائعا مشردا بالمدينة الكبيرة، وكان بإمكانك أن تفعل كما فعل دووت تابان، ولا يكلفك أن تحصل على المال جهد ما، فقط ما عليك إلا أن ترتدي الجلابية، وكل يوم جمعة تصلي في أحد الجوامع، وبعد الصلاة تشهر إسلامك، فتنهال عليك الجنيهات من المسلمين ذوي القلوب الرحيمة وهم يذرفون الدمع، وفي الجمعة القادمة تصلي في مسجد آخر وبعد الصلاة تفعل، وهكذا، تسافر إلى المدن المجاورة والضواحي، القرى البعيدة جدا، أينما تصلي جمعة تشهدك مشهرا إسلامك، ثم تفعل كما يفعل جوون تابان: يا كنيسة الرب، اللي في القلب في القلب.
وطالما لم تكن مسيحيا في يوم ما فستحور القول إلى: يا كجور الرب اللي في القلب في القلب.
ففي نهاية الأمر القلب واحد، والرب واحد، وأنت أنت، وهذه البلاد الكبيرة هي أمك الحقيقية، لكنك رفضت أن تفعل فعل جوون تابان، لسبب واحد بسيط، هو - كما قلت لجوون - إذا ذهبت للجامع سيخنقني الكجور بالليل وأموت، نحن كجورنا صعب.
وكان بإمكانك أن تعمل ببيع السجائر في أماكن تجمع السيارات وعند بوابات المصالح العامة والشركات، وكان بإمكانك العمل كخادم في المنازل تغسل الأطباق، والملابس وتكويها وتقوم بكنس الغرف، كان بإمكانك ... كان بإمكانك. لكنك فجأة تجد نفسك أمام القيادة العامة للقوات المسلحة طالبا تجنيدك في المشاة، قائلا لنفسك: المرتبات مجدية والعسكري محترم ومهاب وله مكانة اجتماعية، فلن يستوقفني رجل الشرطة لأن لا بطاقة شخصية لي، ولن أحمل في الكشة. تذكرت جعفرا، جعفر مختار، كان يقول لك وأنت تحمل رياك الطفل الرضيع بين كفيك: هناك رجلان؛ رجل حر، ورجل عبد، الحر من يبحث عن سبيله ويجدها، العبد من لا يبحث عن سبيله ولا يجدها.
كنتما تتمشيان بين أزقة المدينة، أنت وجعفر، ثم التقيتما صدفة بمحمد الناصر، وكان قلقا، وهو يتلفت مهلوعا بحثا عن الذي ينتظره، حينما رآكما صاح فيكما هاتفا: هل كنتما في انتظاري هنا؟
قلت له: لا بالتأكيد.
Unknown page