كان احتفال الرومان بعيد الإله ساتورن مهرجانا فعليا يستعيدون فيه العصر الذهبي لفترة وجيزة؛ حيث كان يعمل السادة على خدمة الخدم، ويطعم الأغنياء الفقراء. وفي بعض النسخ من المهرجان، كانوا يعفون عن ديونهم. بالنسبة للجميع، كان هناك إسراف شديد في الطعام والشراب ودرجة من الحرية الجنسية. وبدون الإسراف في المأكل والمشرب والحرية الجنسية، فإن فكرة وجود فترة يتم فيها الإعفاء من الديون، ومن ثم منح المدين فرصة جديدة، مذكورة في العهد القديم: «يبرئ كل صاحب دين يده مما أقرض صاحبه. لا يطالب صاحبه ولا أخاه؛ لأنه قد نودي بإبراء للرب» (سفر التثنية، 15 : 2).
في العصور الوسطى، تسببت الاحتفالات التي انحدرت من عيد الإله ساتورن - مثل الكرنفال السابقة الإشارة إليه حين كان الفقراء يحكمون لبعض الوقت، وعيد البلهاء، والذي كان فيه يجري عكس التراتب الكنسي لفترة وجيزة، وكان له شعبية على نحو خاص في فرنسا - في مشاكل خطيرة؛ فمن وقت لآخر، كان احتفال الكرنفال يخرج عن السيطرة، على الأقل من وجهة نظر المتقلدين للسلطة؛ لأن المغلوبين على أمرهم ظنوا أن قلب الأوضاع يجب أن يستمر لفترة أطول من بضعة أيام. أما عيد البلهاء، فقد وقفت ضده الكنيسة بقوة حتى ألغته. لا يزال احتفال الكرنفال يقام ببعض الأماكن، مثل نيو أورليانز وريو دي جانيرو، لكنه لم يعد يعتبر تهديدا.
في العصور الوسطى، كان يجري إسقاط الآلهة الإغريقية والرومانية، ونشأت قصة مشابهة معروفة باسم «أرض كوكين»، التي أطلق عليها «جنة الفقير»، في عدد من البلدان الأوروبية. وجاء بإحدى نسخ تلك القصة التي ترجع للقرون الوسطى ما يلي:
توجد أنهار تجري في نعومة وسعة
أنهار من الدهن واللبن والعسل والخمر،
تنساب المياه هناك دون هدف
سوى أن تسر من ينظر إليها ومن أراد أن يغتسل بها.
تنبت ثمار كثيرة في هذا المكان
تحمل البهجة وتسلي حلاوتها الجميع.
تتكرر تلك الصورة الخيالية مرارا تحت أسماء مختلفة عبر التاريخ؛ فعندما يفقد الأمل في كل شيء، تكتسب الفانتازيا قوة خاصة.
Unknown page