Yasqut Sibawayh
لتحيا اللغة العربية يسقط سيبويه
Genres
وتطرح الشيزوفرينيا اللغوية التي يعاني منها العرب سؤالا صعبا على النفس لكنه جدير بالطرح، حتى وإن كنا مقتنعين بأن إجابته بالنفي، وهو: هل تصبح اللغة العربية الفصحى مثل اللاتينية؟ أي لغة تفرخ لغات أخرى من باطنها لكنها لا تستخدم في حد ذاتها وتتحول إلى لغة ميتة؟
وفي كتاب «مستقبل الثقافة في مصر» يحذر الدكتور طه حسين بشدة من هذا الاحتمال، حيث يقول في الفصل 37 من طبعة دار المعارف الصادرة عام 1996م:
وأنا نذير للذين يقاومون هذا الإصلاح بخطر منكر (...) وهو أن اللغة العربية الفصحى إذا لم ننل علومها بالإصلاح، صائرة - سواء أردنا أم لم نرد - إلى أن تصبح لغة دينية ليس غير، يحسنها أو لا يحسنها رجال الدين وحدهم ويعجز عن فهمها وذوقها فضلا عن اصطناعها واستعمالها غير هؤلاء السادة من الناس.
وفي الواقع أن هدفي من وضع هذا الكتاب هو تفادي ما ينذر به عميد الأدب العربي الذي أبصر ما لا يراه المبصرون بأعينهم. وصدق نزار قباني في رثائه عندما أكد هذا المعنى قائلا:
ارم نظارتيك ما أنت أعمى
إنما نحن جوقة العميان
واللاتينية كانت أهم لغات العالم في عصر من العصور، وتصور أهلها أن العالم سيظل يتحدث بها إلى أبد الآبدين. وكانوا يطلقون على روما اسم «المدينة الخالدة»، لكن جحافل القبائل القادمة من شرق وشمال أوروبا، والتي اجتاحت أراضي الإمبراطورية الرومانية الغربية، لم تقض على نفوذ روما القديمة فحسب؛ فبعد بضعة قرون لم يعد للاتينية وجود وظهرت لغات هي مزيج بين هذه اللغة واللغات التي كانت تتحدث بها القبائل، مثل الفرنجة والقوط والفندال وغيرهم. وتبلورت في بطء شديد اللغات التي نعرفها اليوم مثل الفرنسية والإيطالية والإسبانية وغيرها.
ومع ذلك فإنه لا تخفى على أي إنسان الفروق الجوهرية بين العربية واللاتينية، فالعربية نزل بها القرآن وكانت لغة تراث عظيم لا يقبل أي عاقل أن يضيع هباء لأي سبب من الأسباب. لكن واقع الحياة كثيرا ما يكون أقوى من إرادة الإنسان خاصة إن لم يعمل الإنسان على تحقيق إرادته بعزيمة صلبة وعمل دءوب. ولو قال أنصار محمد
صلى الله عليه وسلم
في بداية الدعوة لبعضهم البعض: «لا تخشوا شيئا فهذا دين الله، وهو قادر على حمايته.» ثم توقفوا عن أي جهود لنشر الدعوة ووقفوا موقفا سلبيا، فالله وحده يعلم ما كان سيحدث لديننا.
Unknown page