كان المتطوعون قد احتشدوا حولهم أثناء هذا النقاش، وارتفعت بينهم همهمة حين أصدر الضابط أمره. كان من الواضح أنهم تعاطفوا مع اعتراض رفيقهم على أداء واجبات شرطي. ثم شق أحدهم طريقه وسط الحشد وصاح قائلا: «يا إلهي! إنه البروفيسور. إنه السيد رينمارك. ليس فينيانيا.» تعرف اثنان أو ثلاثة من الطلاب الجامعيين على رينمارك، وتدافعوا نحوه ثم حيوه بحفاوة. من الواضح أنه كان الأستاذ المفضل لدى صفه الدراسي. ثم تدافع آخرون إلى الأمام، وكان بينهم هوارد الصغير.
صاح قائلا: «من الهراء الحديث عن إرسال البروفيسور رينمارك إلى السجن! إنه ليس فينيانيا مثقال ذرة، شأنه شأن الحاكم العام مونك. كلنا سنضمن البروفيسور.»
تردد الضابط. ثم قال: «إذا كنتم تعرفونه، فالوضع مختلف. لكن هذا الرجل الآخر لديه رسالة من قائد الفينيانيين يوصي فيها كل أنصار القضية الفينيانية بمراعاته. لا أستطيع إطلاق سراحه.»
سأله رينمارك: «أأنت القائد المسئول هنا؟» «لا.» «السيد ييتس صديقي، وهو هنا معي يقضي إجازته. إنه صحفي من نيويورك، ولا علاقة له بالغزاة. وإن كنت تصر على إرساله إلى ويلاند، فيجب أن أطالب بمثولنا أمام القائد المسئول. ومهما يكن، فإما أن ننجو أنا وهو معا أو نتأذى معا. إنني مثله تماما سواء أكان مذنبا أم بريئا.» «لا يمكننا إزعاج الكولونيل بكل مسألة تافهة.» «حرية الإنسان ليست مسألة تافهة. ما الذي تقاتل من أجله، بحق الحكمة، سوى الحرية؟»
قال ييتس: «شكرا لك يا رينمارك، شكرا لك، لكني لا أهتم بالمثول أمام الكولونيل، وسأقبل الذهاب إلى سجن ويلاند بصدر رحب. لقد سئمت كل هذا العناء. لقد أتيت إلى هنا من أجل الراحة والهدوء، وسأنالهما، حتى لو اضطررت إلى الذهاب إلى السجن من أجلهما. لقد بدأت أعتقد على مضض أن السجن هو المكان الأكثر راحة في كندا على أي حال.»
صاح البروفيسور ساخطا: «لكن هذا انتهاك شائن.»
رد ييتس بضجر قائلا: «إنه كذلك بالتأكيد، لكن الغابة مليئة بمثله. دائما ما تحدث انتهاكات شائنة، لا سيما فيما يسمى بالدول الحرة؛ لذا فزيادة انتهاك واحد أو نقصانه لن يحدثا فارقا. هيا أيها الضابط، من سيأخذني إلى ويلاند؟ أم سأضطر إلى الذهاب وحدي؟ إنني فينياني منذ أمد بعيد، وأتيت إلى هنا خصيصى لإسقاط العرش والعودة به إلى الوطن. فلتحسم أمرك بأي شكل، من أجل الرب، ودعنا ننهي هذا النقاش.»
استشاط الضابط غضبا. وسرعان ما أمر ستوليكر بتصفيد يد السجين بيده، وتسليمه إلى السجان في ويلاند.
اعترض ستوليكر قائلا: «لكني أريد مساعدة. فالسجين أضخم بنيانا مني.» فضحك المتطوعون حين ذكر ستوليكر هذه الحقيقة البديهية الجلية. «إذا أراد أي شخص الذهاب معك، فيمكنه الذهاب. لن أصدر أي أوامر لأحد.»
لم يتطوع أحد لمرافقة الشرطي.
Unknown page