فقال أحد المساعدين بجدية حادة: «ربما تتبين صحة ذلك أمام هيئة محلفين.»
صدق ستوليكر على كلامه وهو يغمز خلسة للبروفيسور: «نعم. تقرير ذلك من اختصاص القاضي وهيئة المحلفين، وليس أنت.»
قال رينمارك: «حسنا، لن أفشي معلومات عن أي شخص، إلا إذا أجبرت على ذلك، لكني أستطيع توفير بعض العناء عليكم بإخباركم بالمكان الذي كنت فيه، وما رأيته هناك. أنا عائد الآن من عند البحيرة. إذا نزلتم إلى هناك، فسترون أثر عارضة قعر قارب في الرمال، وربما آثار أقدام. لقد جاء قارب من الشاطئ الآخر في جنح الليل، وصعد رجل إلى متنه. لا أجزم بهوية الرجل، ولا علاقة لي بالمسألة إطلاقا سوى أنني شاهدتها. هذا كل ما أستطيع الإدلاء به من معلومات.»
التفت ستوليكر إلى مساعديه وأومأ برأسه. سألهما قائلا: «ماذا قلت لكما؟ لقد كنا في أثره بالضبط.»
فصاح المساعد، الذي تحدث من قبل، مزمجرا: «قلت السكة الحديدية.» «حسنا، كنا على بعد حوالي ميلين منه. هيا ننزل إلى البحيرة ونتفحص الآثار. ثم يمكننا استئناف تنفيذ مذكرة الاعتقال.»
وجد رينمارك أن ييتس ما زال نائما في الخيمة. فأعد الفطور دون أن يزعجه. وحين انتهى من إعداده، أيقظ الصحفي وأخبره بلقائه مع ستوليكر، ناصحا إياه بالعودة إلى نيويورك بلا تأخير.
تثاءب ييتس بنعاس.
وقال: «نعم، كنت أحلم بذلك. سأجعل حماي يوصلني إلى فورت إيري الليلة.» «أتظن أن تأجيل الرحيل طويلا هكذا سيكون آمنا؟» «سيكون أكثر أمنا من محاولة الهروب في وضح النهار. سأذهب إلى دار آل بارتليت بعد الفطور. يجب أن أتحدث إلى والديها، كما تعلم. وسأقضي بقية النهار في تعويض ما عانيته في هذا اللقاء بالحديث مع كيتي. لن يبحث ستوليكر عني هناك أبدا، وأما وقد صار يظن الآن أني رحلت، فمن المرجح أن يقوم بزيارة إلى الخيمة. ستوليكر رجل طيب، لكنه شديد التشبث بالواجب كما تعلم، وإذا تيقن من أني رحلت، فسيبحث عني كي يكون جديرا بالأموال التي يتقاضاها من بلاده. لن أعود على الغداء؛ لذا يمكنك استغلال وقتك في قراءة رواياتي الشعبية الرخيصة. لا أقصد الانتقاص من طهيك يا ريني وقد انتهت الإجازة، ولكن لدي تفضيلات، وهي تميل إلى تناول وجبة أخيرة مع آل بارتليت. لو كنت مكانك، لأخذت قيلولة. فأنت تبدو منهكا بشدة.»
قال البروفيسور: «أنا كذلك بالفعل.»
كان رينمارك ينوي الاستلقاء على الفراش بضع لحظات ريثما يرحل ييتس عن المخيم؛ لأنه كان يعتزم إجراء زيارة ما بعد ذلك، لكن الطبيعة ثأرت منه حين ألقت به في نوم عميق. فلم يسمع ستوليكر ومساعديه وهم يفتشون المخيم، تماما كما توقع ييتس أن يفعلوا، وحين استيقظ أخيرا، دهش عندما رأى الظلام كاد يحل على الأجواء. لكنه كان أحسن حالا بكثير بفضل النوم، وتأنق بعناية أكثر من المعتاد.
Unknown page