Wahm Thawabit
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Genres
تشخيصية للاضطراب النفسي هي كيان منفصل تماما وذو حدود مطلقة تفصله عن بقية الاضطرابات النفسية أو عن السواء»؛ رغم ذلك فإن مجرد إدراج التصور التشخيصي في مجموعة مصطلحات رسمية وتزويده بتعريف مركب دقيق ينزع إلى حفز هذا التشييء الماكر.
لقد كان روبنز وجوز وكندلر - الذين اقترحوا معايير الصدق المذكورة آنفا - يفترضون ضمنا أن الاضطرابات النفسية كيانات منفصلة قائمة بذاتها. أما احتمال أن الاضطرابات قد يندمج أحدها بالآخر بدون حد طبيعي فيما بينهما فهو ببساطة شيء لم يخطر لهم. لقد ظنوا مثلا أن انتشار الاضطراب بين الأقارب دليل على أن هذا الاضطراب كيان صادق، في حين أن هذا الكشف يتوافق بنفس الدرجة مع وجود متصل
continuum
من التغيرات. ويبدو أن إمكان وجود انتشار
prevalence
عال لأكثر من اضطراب واحد في أقارب المريض لم يخطر لهم. وقد ظنوا أن محدودية النجاح في التنبؤ بمآل الاضطرابات وتداخل نتائج الدراسات العائلية يدلان على أن معايير الفصل (بين الفصام ذي المآل الجيد والفصام ذي المآل السيئ) بحاجة إلى مزيد من التحسين، ولم يدر بخلدهم أن النتائج ربما قد حدثت بسبب عدم وجود حد طبيعي بينهما، وهي واقعة جديرة بأن تعثر جميع محاولات التحسين القائمة على تهذيب المعايير التشخيصية.
وقد قام الكثيرون بمحاولات عديدة لإثبات وجود حدود طبيعية بين الزملات المرضية المتقاربة أو بين زملة شائعة مثل الاكتئاب الجسيم، وبين السواء (إما بتحديد منطقة خلاء
zone of rarity
أو بكشف علاقة غير خطية بين صورة الأعراض وبين متغير مؤيد مثل المآل أو الوراثية)، ولكن أغلب هذه المحاولات باءت بالفشل.
كما بينت مسوح عديدة لعامة السكان أن أقل فروق في تعريف الزملات الفردة (مثل الاكتئاب الجسيم) قد يؤدي إلى فروق كبيرة في درجة الانتشار المسجلة. وهذا يعني أن الحد الذي يرسمه التعريف لا يناظر نطاق خلاء طبيعيا؛ أي لا يمثل «تخما»
Unknown page