Usul al-Bazdawi
أصول البزدوي
Publisher
مطبعة جاويد بريس
Publisher Location
كراتشي
وعلى هذا الأصل حفر البئر هو شرط في الحقيقة لان الثقل علة السقوط والمشي سبب محض لكن الأرض كانت مسكة مانعة عمل الثقل فيكون حفر البئر ازالة للمانع وكذلك شق الزق شرط للسيلان لان الزق كان مانعا وكذلك القنديل الثقيل ثقله علة للسقوط و إنما الحبل مانع فإذا قطع الحبل فقد زال المانع فعمل الثقيل عمله فثبت انه شرط لكن العلة ليست بصالحة للحكم لان الثقل طبع لا تعدى فيه والمشي مباح لا شبهة فيه فلم يصلح أن يجعل علة بواسطة الثقل وإذا لم يعارض الشرط ما هو علة والشرط شبه بالعلل لما تعلق به من الوجود اقيم مقام العلة في ضمان النفس والأموال جميعا ولهذا لم يجب على حافر البئر كفارة ولم يحرم الميراث لانه ليس بمباشرة فلا يلزمه جزاؤها واما وضع الحجر واشراع الجناح والحائط المائل بعد الاشهاد فمن قسم الاسباب التي جعلت عللا في الحكم على ما مر لا من هذا القسم وعلى هذا قلنا في الغاصب إذا بذر حنطة غيره في ارض غيره أن الزرع للغاصب وان كان التغير بطبع الأرض والماء والهواء واما الالقاء فشرط لكن العلة لما كان معنى مسخرا إلا اختيار له لم يصلح علة مع وجود فعل عن اختيار وان كان شرطا فجعل للشرط حكم العلل واما الشرط الذي له حكم الاسباب فان يعترض عليه فعل مختار غير منسوب اليه وان يكون سابقا عليه وذلك مثل رجل حل قيد عبد حتى ابق لم يضمن قيمته باتفاق اصحابنا لان المانع من إلا باق هو القيد فكان حله ازالة للمبالغ فكان شرطا في الحقيقة الا انه لما سبق الا باق الذي هو علة التلف نزل منزلة الاسباب فالسبب مما يتقدم والشرط مما يتأخر ثم هو سبب محض لانه اعترض عليه ما هو علة قائمة بنفسها غير حادثة بالشرط وكان هذا كمن ارسل دابة في الطريق فجالت ثم اتلفت شيئا لم يضمنه المرسل إلا أن المرسل صاحب سبب في الأصل وهذا صاحب شرط جعل مسببا وإذا انفلتت الدابة فتلفت زرعا بالنهار كان هدرا وكذلك بالليل عندنا لان صاحب الدابة ليس بصاحب شرط ولا سبب ولا علة وقال أبو حنيفة وابو يوسف رحمهما الله فيمن فتح باب قفص فطار الطير أو باب اصطبل فخرجت الدابة فضلت انه لا يضمن لان هذا شرط جرى مجرى السبب لما قلنا وقد اعترض عليه فعل مختار فبقى الأول سببا خالصا فلم يجعل التلف مضافا اليه بخلاف السقوط في البئر لانه لا ختيار له في السقوط حتى إذا اسقط نفسه فدمه هدر كمن مشى على قنطرة واهية وضعت بغير حق فخسف به أو على موضع رش الماء عليه فزلق فعطب هدر دمه لان الالقاء هو العلة وقد صلح لاضافة الحكم وقال محمد رحمه الله طيران الطير هدر شرعا وكذلك فعل كل بهيمة فيجعل كالخارج بلا اختيار وصار كسيلان ما في الزق فان خرج على فور الفتح وجب الضمان على صاحب الشرط والجواب عنه أن فعل البهيمة لا تعتبر لايجاب حكم ما فأما القطعة فنعم كالكلب تميل عن سنن الارسال و كالدابة تجول بعد الارسال فكذلك هذا ولهذا قلنا فيمن حفر بئرا فوقع فيها انسان ثم اختلف الولي والحافر فقال الولي سقط وقال الآخر اسقط نفسه أن القول قول الحافر استحسانا لما قلنا أن الحفر شرط جعل خلفا عن العلة لتعذر نسبة الحكم إلى العلة فإذا ادعى صاحب الشرط أن العلة صالحة لاضافة الحكم اليها فقد تمسك بالاصل وجحد حكما ضروريا فجعلنا القول قوله بخلاف الجارح إذا ادعى الموت بسبب اخر لم يصدق لانه صاحب علة ولهذا قلنا في الجامع الصغير فيمن اشلى كلبا على صيد مملوك فقتله أو على نفس فقتلها أو مزق ثياب رجل لم يضمن لانه صاحب سبب و قد اعترض عليه فعل مختار غير مضاف اليه لان الكلب يعمل بطبعه وليس الذي اشلاه بسائق بخلاف ما إذا اشلى على صيد فقتله أن صاحبه جعل كأنه ذبحه بنفسه لان الاصطياد من المكاسب في الجملة فبنى على نفي الحرج وقدر الإمكان ووجب المصير في ضمان العدوان آلى محض القياس ولهذا قلنا فيمن القى نارا في الطريق فهبت به الريح ثم احرقت لم يضمن وإذا القى شيئا من الهوام في الطريق فتحركت وانتقلت ثم لدغت لم يضمن وبعض هذه المسائل تخرج على ما سبق في باب تقسيم الاسباب فهي ملحقة بذلك الباب و إما الذي هو شرط اسما لاحكما فان كل حكم تعلق بشرطين فان اولهما شرط اسما لا حكما لان حكم الشرط أن يضاف الوجود اليه وذلك مضاف إلى آخرهما فلم يكن الأول شرطا لا اسما ولهذا قلنا فيمن قال لامرأته أن دخلت هذه الدار وهذه الدار فأنت طالق ثم ابانها ثم دخلت احديهما ثم نكحها ثم دخلت الثانية إنها تطلق خلافا لزفر رحمه الله لان الملك شرط عند وجود الشرط الصحة وجود الجزاء لا لصحة وجود الشرط ولم يوجد ههنا جزاء فيفتقر إلى الملك فلم يجز أن يجعل الملك شرطا لغير الشرط لان عينه لا يفتقر إلى الملك ولم يجز شرطه لبقاء اليمين كما قبل الشرط الأول فأما الشرط الذي هو علامة فالاحصان في باب الزنا وانما قلنا انه علامة لان حكم الشرط أن يمنع انعقاد العلة إلى أن يوجد الشرط وهذا لا يكون في الزنا بحال لان الزنا إذا وجد لم يتوقف حكمه على احصان يحدث بعده لكن الاحصان إذا ثبت كان معرفا لحكم الزنا فأما أن يوجد الزنى بصورته فيتوقف انعقاده علة على وجود الاحصان فلا يثبت انه علامة وليس بشرط فلم يصلح علة للوجود ولا للوجوب ولذلك لم يجعل له حكم العلل بحال ولذلك لم يضمن شهود الاحصان إذا رجعوا على حال بخلاف ما تقدم في مسألة الشرط الخالص ولهذا قلنا أن الاحصان يثبت بشهادة النساء مع الرجال ولم يشترط فيه الذكور الخالصة لما لم يثبت به وجوب عقوبة ولا وجودها فان قيل إذا شهد كافران على عبد مسلم أن مولاه اعتقه وقد زنا العبد أو قذف فأنكر العبد والمولى ذلك والمولى كافر فإن الشهادة لا تقبل وقد شهدوا على المولى وهو كافر ولم يشهدوا على العبد بشيء على ما قلتم انه لا ينسب اليه وجود ولا وجوب فهلا قبلت هذه الشهادة والجواب عنه أن لشهادة النساء مع الرجال خصوصا المشهود به دون المشهود عليه وخصوصها إنها لا تصلح لايجاب عقوبة وقد بينا انه لم يتعلق بها وجوب ولا وجود ولكن في هذه الحجة تكثير محل لجناية وفي ذلك ضرر زائد وشهادة هؤلاء حجة لايجاب الضرر إذا لم يكن حد أو عقوبة و لشهادة الكفار اختصاص في حق المشهود عليه دون المشهود به وقد تضمنت شهادتهم تكثير محل الجناية وفي ذلك ضررا بالمشهود عليه ولا يجوز ايجاب الضرر على المسلم بشهادة الكفار أبدا وعلى هذا الأصل قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله أن شهادة القابلة على الولادة تقبل من غير فراش قائم ولا حبل ظاهر ولا إقرار بالحبل لان شهادة القابلة حجة في تعيين الولد بلا خلاف ولم يوجد ههنا إلا التعيين فأما النسب فإنما ثبت بالفراش فيكون انفصاله معرفا لا يتعلق به وجوب السبب ولا وجوده كما في حال قيام الفراش أو ظهور الحبل والاقرار به والجواب عنه لابي حنيفة رحمه الله أن الفراش إذا لم يكن قائما ولا حبل ظاهر ولا إقرار به كان ثبوت نسبه وهو باطن لا يستند إلى سبب ظاهر حكما ثانيا في حق صاحب الشرع فأما في حقنا فلا فبقي مضافا إلى الولادة فشرط لاثباتها كمال الحجة فأما عند قيام الفراش الحبل فقد وجد دليل قيام السبب ظاهر فصلح أن يكون الولادة معرفة وإذا علق بالولادة طلاق أو عتاق وقد شهدت امراتها حال قيام الفراش وقع ما علق به عندهما لان ذلك غير مقصود بشهادتها وقد يثبت الولادة بشهادتها فيثبت ما كان تبعا له وكذلك قالا في استهلال الصبي انه تبع للولادة فاخذ أبو حنيفة رحمه الله فيه بحقيقة القياس أن الوجود من احكام الشرط فلا ثبت إلا بكمال الحجة والولادة لم يثبت بشهادة القابلة مطلقا فلا يتعدى إلى التوابع كشهادة المرأة على أن هذه الأمة ثيب و قد اشتراها رجل على إنها بكر إنها لا ترد على البايع بل يستخلف البايع وان كان قبل القبض فكذلك والله اعلم بالصواب & باب تقسيم العلامة
Page 321