Usul al-Bazdawi
أصول البزدوي
Publisher
مطبعة جاويد بريس
Publisher Location
كراتشي
رضي الله عنهما خلافه وقال أبو حنيفة وابو يوسف رحمهما الله في الحامل أنها تطلق ثلاثا للسنة وقد روى عن جابر وابن مسعود خلافه وقال أبو يوسف ومحمد في الأجير المشترك أنه ضامن ورويا ذلك عن علي وخالف ذلك أبو حنيفة بالرأي وقد اتفق عمل أصحابنا بالتقليد فيما لا يعقل بالقياس فقد قالوا في أقل الحيض أنه ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام ورووا ذلك عن أنس وعثمان بن أبي العاص الثقفي وافسدوا شراء ما باع بأقل مما باع عملا بقول عائشة رضي الله عنها في قصة زيد بن أرقم رضي الله عنه أما فيما لا يدرك بالقياس فلا بد من العمل به حملا لذلك على التوقيف من رسول الله عليه الصلاة والسلام لا وجه له غير هذا إلا التكذيب وذلك باطل فوجب العمل به لا محالة فأما فيما يعقل بالقياس فوجه قول الكرخي أن القول بالرأي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مشهور واحتمال الخطأ في اجتهادهم كائن لا محالة فقد كان يخالف بعضهم بعضا وكانوا لا يدعون الناس إلى أقوالهم وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أن أخطأت فمن الشيطان وإذا كان كذلك لم يجز تقليد مثله بل وجب الاقتداء بهم في العمل بالرأي مثل ما عملوا وذلك معنى قول النبي عليه السلام أصحابي كالنجوم الخبر ومن ادعى الخصوص احتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر وبما روى في هذا الباب من اختصاصهم مما دل على ما قلنا ووجه قول أبي سعيد أن العمل برأيهم أولى لوجهين أحدهما احتمال السماع والتوقيف وذلك أصل فيهم مقدم على الرأي وقد كانوا يسكتون عن الأسناد ولاحتمال فضل إصابتهم في نفس الرأي فكان هذا الطريق هو النهاية في العمل بالسنة ليكون السنة بجميع وجوهها وشبهها مقدما على القياس ثم القياس بأقوى وجوهه حجة وهو المعنى الصحيح بأثره الثابت شرعا فقد ضيع الشافعي عامة وجوه السنن ثم مال إلى القياس الذي هو قياس الشبه وهو ليس بصالح لإضافة الوجوب إليه فما هو إلا كمن ترك القياس وعمل باستصحاب الحال فجعل الاحتياط مدرجة إلى العمل بلا دليل فصار الطريق المتناهي في أصول الشريعة وفروعها على الكمال هو طريق أصحابنا بحمد الله إليهم انتهى الذين بكماله وبفتواهم قام الشرع إلى آخر الدهر بخصاله لكنه بحر عميق لا يقطعه كل سابح والشروط كثيرة لا يجمعها كل طالب وهذا الاختلاف في كل ما ثبت عنهم من غير خلاف بينهم ومن غير أن يثبت انه بلغ غير قائله فسكت مسلما له فأما إذا اختلفوا في شيء فإن الحق في أقوالهم لا يعدوهم عندنا على ما نبين في باب الإجماع إن شاء الله تعالى ولا يسقط البعض بالبعض بالتعارض لأنهم لما اختلفوا ولم تجر المحاجة بالحديث المرفوع سقط احتمال لتوقيف وتعين وجه الرأي والاجتهاد فصار تعارض أقوالهم كتعارض وجوه القياس وذلك يوجب الترجيح فإن تعذر الترجيح وجب العمل بأيها شاء المجتهد على أن الصواب واحد منها لا غير ثم لا يجوز العمل بالثاني من بعد إلا بدليل على ما مر في باب المعارضة وأما التابعي فإن كان لم يبلغ درجة الفتوى في زمان الصحابة ولم يزاحمهم في الرأي كان أسوة سائر أئمة الفتوى من السلف لا يصح تقليده وإن ظهر فتواه في زمن الصحابة كان مثلهم في هذا الباب عند بعض مشايخنا لتسليمهم مزاحمته إياهم وقال بعضهم بل لا يصح تقليده وهو دونهم لعدم احتمال التوقيف فيه وجه القول الأول إن شريحا خالف عليا في رد شهادة الحسن وكان علي يقول له في المشورة قل أيها العبد إلا بظر وخالف مسروق ابن عباس في النذر بنحر الولد ثم رجع ابن عباس إلى فتواه ولأنه بتسليمهم دخل في جملتهم رضي الله عنهم أجمعين & باب الإجماع
الكلام في الإجماع في ركنه وأهلية من ينعقد به وشرطه وحكمه وسببه وأما ركنه فنوعان عزيمة ورخصة أما العزيمة فالتكلم منهم بما يوجب الإتفاق منهم أو شروعهم في الفعل فيما كان من بابه لأن ركن كل شيء ما يقوم به أصله والأصل في نوعي الإجماع ما قلنا وأما الرخصة فإن يتكلم البعض ويسكت سائرهم بعد بلوغهم وبعد مضي مدة التأمل والنظر في الحادثة وكذلك في الفعل وقال بعض الناس لا بد من النص ولا يثبت بالسكوت وحكى هذا عن الشافعي رحمه الله قال لأن عمر رضي الله عنه شاور الصحابة في مال فضل عنده وعلي ساكت حتى قال له ما تقول يا أبا الحسن فروى له حديثا في قسمة الفضل فلم يجعل سكوته تسليما وشاورهم في املاص المرأة فأشار وأبان لا غرم عليه وعلى ساكت فلما سأله قال أرى عليك العزة ولأن السكوت قد يكون مهابة كما قيل لابن عباس رضي الله عنهما ما منعك أن تخبر عمر بفولك في العول فقال درته وقد يكون للتأمل فلا يصلح حجة ولنا أن شرط النطق منهم جميعا
Page 239