Usul al-Bazdawi
أصول البزدوي
Publisher
مطبعة جاويد بريس
Publisher Location
كراتشي
واما الدليل المعقول فوجوه أحدها أن يمنع الحكم بطريق المعارضة استوى فيه البعض والكل كالنسخ والثاني أن دليل المعارضة ما يستقل بنفسه مثل الخصوص والاستثناء قط لا يستقل بنفسه وانما يتم بما قبله فلم يصح معارضا لكنه لما كان لا يجوز الحكم ببعض الجملة حتى يتم كما لا يجوز ببعض الكلمة حتى ينتهي احتمل وقف أول الكلام على اخره حتى يتبين باخره المراد باوله وهذا الابطال مذهب الخصم والثالث لتصحيح ما قلنا وبيان ذلك أن وجود التكلم ولا حكم له أصلا ولا انعقاد له بحكمه أصلا سائغ مثل الامتناع بالمعارض بالإجماع مثل طلاق الصبي واعتاقه وانما الشأن في الترجيح وبيانه أن الاسثناء متى جعل معارضا في الحكم بقي التكلم بحكمه في صدر الكلام ثم لا يبقى من الحكم إلا بعضه وذلك لا يصلح حكما لكل التكلم بصدره إلا ترى أن الالف اسم علم له لا يقع على غيره ولا يحتمله لا يجوز أن يسمى التسع مائة ألفا بخلاف دليل الخصوص لانه إذا عارض العموم في بعض بقى الحكم المطلوب وراء دليل الخصوص ثابتا بذلك الاسم بعينه صالحا لان يثبت به كاسم المشركين إذا خص منه نوع كان الاسم واقعا على الباقي بلا خلل ولهذا قلنا أن العام إذا كان كلمة فرد واسم جنس صح الخصوص إلى أن ينتهي بالفرد وإذا كانت صيغة جمع انتهى الخصوص إلى الثلاثة لا غير فلذلك بطل أن يكون معارضا فجعل تكلما بالباقي بحقيقته وصيغته وكان طريقا في اللغة يطول مرة ويقصر أخرى وجعل الايجاب والنفي بإشارته بيانه أن الاستثناء بمنزلة الغاية للمستثنى منه إلا ترى أن الأول ينتهي به وهذا لان الاستثناء يدخل على نفي أو إثبات والاثبات بالعدم ينتهي والعدم بالوجود ينتهي وإذا كان الوجود غاية الأول أو العدم غاية لم يكن بد من إثبات الغاية لتناهي الأول وهذا ثابت لغة فكان مثل صد الكلام إلا أن الأول ثابت قصدا وهذا لا فكان إشارة ولذلك اختير في التوحيد لا اله إلا الله ليكون الاثبات إشارة و النفي قصدا لان الأصل في التوحيد تصديق القلب فاختير في البيان الاشارة اليه والله اعلم والاستثناء نوعان متصل ومنقطع إما المتصل فهو الأصل وتفسيره ما ذكرنا وأما المنفصل فما لا يصح استخراجه من الأول لان الصد لم يتناوله فجعل مبتدأ مجازا قال الله تعالى
﴿فإنهم عدو لي إلا رب العالمين﴾
أي لكن رب العاملين وكذلك
﴿لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما﴾
وقوله
﴿إلا الذين تابوا﴾
استثناء منقطع لان التائبين غير داخلين في صد الكلام فكان معناه إلا أن يتوبوا ويحمل الصدد على عموم الأحوال بدلالة الثنيا فكأنه قال وأولئك هم الفاسقون بكل حال إلا حال التوبة وكذ بصحيح لما قلنا من الأصل وجعل استثناء منقطعا فلم ينقص من الألف شيئا وقال أبو حنيفة وابو يوسف رحمهما الله هو صحيح لان المقدورات جنس واحد في المعنى لانها تصلح ثمنا ولكن الصور مختلفة فصح الاستثناء في المعنى وقد قلنا أن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا معنى لا صورة فإذا صح الاستخراج من طريق المعنى بقي في القدر المستثنى تسمية الدراهم بلا معنى وذلك هو معنى حقيقة الاستثناء فلذلك بطل قدره من الأول بخلاف ما ليس بمقدر من الاموال لان المعنى مختلف فلم يصح استخراجه والله اعلم وعلى هذا الأصل قلنا فيمن قال لفلان علي ألف درهم وديعة انه يصح موصولا لان بيان مغير لان الدراهم تصلح ان تكون عليه حفظاالا انه تغير للحقيقة فصح موصولا وكذلك رجل قال اسلمت إلى عشرة دراهم في كذا لكن لم اقبضها أو اسلفتني أو اقرضتين أو اعطيتني ففي هذا كله يصدق بشرط الوصل استحسانا لان حقيقة هذه العبارات للتسليم وقد تحتمل العقد فصار النقل إلى العقد بيانا مغيرا وإذا قال دفعت إلى عشرة دراهم أو نقدتني لكني لم اقبض فكذلك عند محمد لان النقد والدفع بمعنى الاعطاء لغة فيجوز أن يستعار للعقد ايضا وقال أبو يوسف رحمه الله لا يصدق لانهما اسمان مختصان للتسليم والفعل واما الاعطاء فهبة فيصلح أن يستعار للعقد وإذا اقر بالدراهم فرضا أو ثمن بيع وقال هي زيوف صح عندهما موصولا لان الدراهم نوعان جياد وزيوف إلا أن الجياد غالبة فصار الآخر كالمجاز فصح التغيير اليه موصولا وقال أبو حنيفة لا يقبل وان وصل لان الزيافة عارضة وعيب فلا يحتمله مطلق الاسم بل يكون رجوعا كدعوى الاجل في الدين ودعوى الخيار في البيع وإذا قال لفلان علي ألف درهم من ثمن جارية باعينها لكني لم اقبضها لم يصدق عند أبي حنيفة إذا كن به المقر له في قوله لم اقبضها وصدقه في الجهة أو كذبه في الجهة وادعى المال وقالا أن صدقه في الجهة صدق وان فصل لانه إذا صدقه فيها ثبت البيع فيقبل قول المشتري انه لم يقبض وعلى
Page 215