Usul al-Bazdawi
أصول البزدوي
Publisher
مطبعة جاويد بريس
Publisher Location
كراتشي
سببه ولتردد في الرخصة حتى صارت العزيمة تؤدي معنى الرخصة من وجه فلذلك تمت العزيمة على ما نبين في آخر هذا الفصل إن شاء الله تعالى وقد أعرض الشافعي عن ذلك فجعل الرخصة أولى اعتبارا لظاهر تراخى العزيمة إلا أن يضعفه الصوم فليس له أن يبذل نفسه لإقامة الصوم لأنه يصير قتيلا بالصوم فيصير قاتلا نفسه بما صار به مجاهدا وفي ذلك تغيير المشروع فلم يكن نظير من بذل نفسه لقتل الظالم حتى أقام الصوم حقا لله تعالى لأن القتل مضاف إلى الظالم فلم يصر الصابر مغيرا للمشروع فصار مجاهد أو إما أتم نوعي المجاز فيما وضع عنا من الإصر والأغلال فإن ذلك يسمى رخصة مجازا لأن الأصل ساقط لم يبق مشروعا فلم يكن رخصة إلا مجازا من حيث هو نسخ تمحض تخفيفا وأما القسم الرابع فما سقط عن العباد مع كونه مشروعا في الجملة فمن حيث سقط الاصل كان مجازا ومن حيث بقي مشروعا في الجملة كان شبيها بحقيقة الرخصة فكان دون القسم الثالث مثاله ما روى أن النبي عليه السلام رخص في السلم وذلك أن أصل البيع أن يلاقى عينا وهذا حكم باق مشروع لكنه سقط في باب السلم أصلا تخفيفا حتى لم يبق تعيينه في السلم مشروعا ولا عزيمة وهذا لأن دليل اليسر متعين لوقوع العجز عن التعيين فوضع عنه أصلا وكذلك المكره على شرب الخمر أو الميتة أو المضطر إليهما رخصة مجازا لأن الحرمة ساقطة حتى إذا صبر صار آثما لأن حرمته ما ثبتت إلا صيانة لعقله ودينه عن فساد الخمر ونفسه عن الميتة فإذا خاف به فوات نفسه لم يستقم صيانة البعض بفوات الكل فسقط المحرم وكان إسقاطا لحرمته فإذا صبر لم يصر مؤديا حق الله تعالى فكان مضيعا دمه إلا أن حرمة هذه الأشياء مشروعة في الجملة ومن ذلك ما قلنا في قصر الصلاة بالسفر أنه رخصة إسقاطا حتى لا يصح أداؤه من المسافر وإنما جعلناها إسقاطا استدلالا بدليل الرخصة ومعناها أما الدليل فما روى
Page 141