على أن بعض الناس لا يرى الضمير فطريا كالسمع والبصر، بل يعتقد أنه نتيجة الوراثة والتربية معا.
إنا نتقبض بالفطرة من كل ما هو مؤلم أو غير لاذ كاستهجان الناس، ومن العقاب، ولا شك أن هذا التقبض من الألم موروث عن آبائنا، وإننا نتعلم على التدرج إسناد الألم إلى كثير من الأفعال التي نحذر منها، فتكتسب نفوسنا بذلك كراهية هذه الأفعال وخشيتها؛ لأن نتائجها الألم والشقوة، وقال الأستاذ «بين»
Bain : «إن كل ما يقوم بنفوسنا أو نفهمه من قولنا «سلطة الضمير» أو «الشعور بالإلزام» أو «الإحساس بالحق» والتبكيت، ليس إلا صيغا من التعبير عن هذه الكراهية المكتسبة» فالضمير إذن مركب من جزأين: (1)
شعور باللذة أو الألم مسبب عن الفعل ذاته. (2)
قرار أو حكم على الصفة الأدبية التي للفعل.
من هنا تتضح ضرورة دفع أخطاء الأطفال في حينها.
وهناك عوامل أخرى تعمل على تنمية الضمير في الأدوار التي تلي الطفولة الأولى، غير الخشية من النتائج المؤلمة؛ كالرغبة في إحداث مسرة لمن نحب أو لمن نعنى بأمرهم والرغبة في سعادة الغير واستقامة حاله، والعطف وغير ذلك؛ كل هذا يعمل عمله في تنمية الضمير.
ما ضمير الإنسان إلا مطابقة أعماله لدستور الحق الذي أقامه هو بنفسه لنفسه أو عدم مطابقته، فإذا كان هذا الدستور ناقصا كان الضمير ناقصا، وفي هذا دلالة وبيان لخطورة أمر المنزل والمدرسة في تربية أخلاق الطفل وآدابه على دستور أخلاقي صحيح تغرسه في نفس الطفل يد الأسوة الحسنة، كما يوحى إليهم بالإشعار.
الفصل السابع
الواجب
Unknown page