ويبين حذيفة ﵁ (^١) أثر قتل عثمان ﵁ على التزام الناس بالإسلام وفهم معانيه بقوله لما بلغه قتل عثمان: "اليوم نزل الناس حافة (^٢) الإسلام، فكم من مرحلة (^٣) قد ارتحلوا عنه" (^٤).
ولا شك أن ذلك قد وقع فعلًا فإنَّ المجتمع في عهد النبي ﷺ وعهد أبي بكر وعمر وعثمان ﵃ كان أقوى التزامًا بالإسلام ومعانيه وفهمه.
ويظهر من كلام حذيفة ﵁ أنهم درجوا في الضعف، والتدني، وعبر عن ذلك بالارتحال عن الإسلام مراحل، حتى وصلوا إلى
(^١) حذيفة بن اليمان، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، صح في مسلم أن رسول الله ﷺ أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة، وأبوه صحابي أيضًا، استشهد بأحد، ومات حذيفة في أول خلافة علي ﵁ سنة ٣٦ هـ، ع (التقريب/١١٥٦)، والمقصود من قول الحافظ: "أعلمه بما كان … " أي: من أمور الفتن، فإن علم الغيب لا يعلمه إلا الله.
(^٢) حافة الشيء جانبه وطرفه (الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ٣/ ١٣٥)، وابن منظور، لسان العرب (٩/ ٥٩)، وقد ذكر ابن منظور ومجد الدين بن الأثير: أن حذيفة ﵁ قال: لما قتل عمر ﵄: وذكراه، ولم أقف على ما اعتمداه في ذلك، فلعله وهم والله أعلم. انظر (النهاية في غريب الحديث والأثر ١/ ٤٦٢).
(^٣) المرحلة هي: المنزلة يرتحل منها (ابن منظور، لسان العرب ١١/ ٢٨٠).
(^٤) رواه ابن أبي شيبة، المصنف (١٥/ ٢٠٦) بإسناد صحيح رجاله رجال مسلم، انظر الملحق الرواية رقم: [١١٥].