Taysir Usul al-Fiqh lil-Mubtadi'een
تيسير أصول الفقه للمبتدئين
Genres
الأدلة على حجية السنة
السنة حجة شرعية، وهذا ثابت بالكتاب والسنة والعقل.
أما من الكتاب: فقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر:٧]، فهذا على العموم، فيأمرنا الله جل وعلا أن نأخذ بما آتانا النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير، وأن نترك ما نهانا عنه النبي ﷺ.
وقال جل وعلا: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء:٨٠]، فجعل طاعة الرسول من طاعة الله جل وعلا.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء:٥٩]، فأفرد طاعة للرسول ولم يفرد لأولي الأمر؛ لأن طاعة ولي الأمر تكون في طاعة النبي أو طاعة الله جل وعلا.
وأيضًا قال الله تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء:٦٥] فنفى الإيمان عمن لا يسمع ويطيع لما سمع.
وقال جل وعلا: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب:٣٦]، فهذه دلالة على أن الإيمان مرتبط بالسمع والطاعة لرسول الله ﷺ.
وأيضًا قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب:٣٤]، قال الشافعي أو وبالاتفاق أن معنى: (آيات الله): القرآن، (والحكمة): السنة.
وأما من السنة: ففي الصحيحين عنه ﷺ أنه قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)، فطاعة النبي ﷺ واجبة بنص الحديث؛ لأن الذي يأبى يدخل النار، ولا يدخل النار إلا في محرم، فيجب على المرء أن يتبع النبي ﷺ.
وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن النبي ﷺ قال: (ألا وإني قد أوتيت هذا الكتاب ومثله معه) أي: في الحجية، والمثلية بمعنى: أن السنة ترتقي إلى أن تكون مثل القرآن في الحجة، أي: يلزمنا العمل بها، فهي ثابتة بالكتاب والسنة وبالعقل أيضًا، والنبي ﷺ ما عليه إلا البلاغ، قال تعالى: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ [النور:٥٤]، فهو يبلغ، وهذا البلاغ محل إلزام الناس، والاستسلام بالعمل بهذا الذي يبلغه الرسول كما قال الشافعي: آمنت بالله -أي: استسلمت- وبما جاء عن الله، وعلى مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، وعلى مراد رسول الله ﷺ.
إذًا: حجية السنة ثابتة بالكتاب وبالسنة وبالعقل.
8 / 4