210

ويتلو ذلك ما جاء عن على صلى الله عليه وسلم أنه قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا على لا تقومن فى العيكل قلت وما العيكل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تصلى خلف الصفوف وحدك، فهذا مما يكره فى ظاهر[1] الصلاة أن يقف المصلى خلف الصفوف وحده وهو يجد فيها مكانا يقوم فيه فإن لم يجد ذلك قام إلى أن يأتى من يقوم إلى جانبه أو يصلى كذلك وحده إن لم يأت أحد ولم يجد فى الصفوف موضعا يقوم فيه، وتأويل ذلك فى الباطن من نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا عليه الصلاة والسلام عن أن يفعله فى الظاهر لأنه ليس هو وحده فى الباطن أعلى الحدود وأرفع الدرجات دون درجة النبوة فكره له أن يقوم فى الظاهر فى مكان لا يشبه مكانه فى الباطن وكذلك لا ينبغى له أن يتخلف بنفسه وأن يتواضع عن الدرجة التى جعلها له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويتلو ذلك ما جاء عن الصادق صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن رجل دخل مع قوم فى جماعة فقام وحده وليس معه فى الصف غيره والصف الذي بين يديه متضايق قال إذا كان كذلك صلى وحده وهو معهم.

وقال عليه الصلاة والسلام قم فى الصف ما استطعت فإذا ضاق المكان فتقدم أو تأخر فلا بأس بذلك عليك، فهذا كما ذكرنا جائز بالقيام فى الصلاة الظاهرة لسائر الناس، وتأويله ما قد تقدم القول به من أن صفوف المصلين فى الظاهر تأويلها فى الباطن مراتب أهل دعوة الحق على قدر سبقهم وأعمالهم وأحوالهم فمتى ما لحق لاحق من المستجيبين وليس له فيمن تقدمه مثل يكون فى درجته ومرتبته كان وحده فى حد مثله إلى أن يأتى من ينبغى أن يكون فى مثل حده ودرجته فيكونون كذلك فى حد واحد ودرجة واحدة.

ويتلو ذلك ما جاء عن على صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان الرجل لم يستطع أن يدخل الصف فليقم حذاء الإمام، فإن ذلك خير له ولا يعاند الصف فهذا فى الظاهر يفعله من جاء من المصلين إلى الجماعة وقد قاموا فى الصلاة من قدامهم أو عن أيمانهم أو عن شمائلهم فأما من جاء من خلفهم فقد تقدم القول بأنه إذا لم يجد موضعا فى الصفوف قام وحده خلفها إلى أن يأتى من يقوم معه أو أن يصلى كذلك إن لم يأت أحد وتأويل ذلك ما قد تقدم القول به بأن مثل صفوف

Page 256