بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
مُقَدّمَة
الْحَمد لله الَّذِي جعل الْحق معزا لمن اعتقده وتوخاه ومعينا لمن اعْتَمدهُ وابتغاه وَجعل الْبَاطِل مذلا لمن آثره وارتضاه ومذيلا لمن أظهره واقتفاه حمدا يوازن جميل نعمه ويضاهي جزيل قسمه وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّد النَّبِي وَآله وَأَصْحَابه
أما بعد فَإِن الله جلّ اسْمه ببليغ حكمته وَعدل قَضَائِهِ جعل النَّاس أصنافا مُخْتَلفين وأطوارا متباينين ليكونوا بالاختلاف مؤتلفين وبالتباين متفقين فيتعاطفوا بالإيثار تَابعا ومتبوعا ويتساعدوا على التعاون آمرا ومأمورا كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(وبالناس عَاشَ النَّاس قدما وَلم يزل ... من النَّاس مَرْغُوب إِلَيْهِ وراغب) // من الطَّوِيل //
1 / 3
فَوَجَبَ التَّفْوِيض إِلَى إمرة سُلْطَان مسترعى ينقاد النَّاس لطاعته ويتدبرون بسياسته ليَكُون بِالطَّاعَةِ قاهرا وبالسياسة مُدبرا
وَكَانَ أولى النَّاس بالعناية مَا سيست بِهِ الممالك ودبرت بِهِ الرعايا والمصالح لِأَنَّهُ زِمَام يَقُود إِلَى الْحق ويستقيم بِهِ أود الْخلق
وَقد أوجزت بِهَذَا الْكتاب من سياسة الْملك مَا أحكم المتقدمون قَوَاعِده فَإِن لكل مِلَّة سيرة وَلكُل زمَان سريرة فَلم يغن مَا سلف عَن مؤتلف من الشَّرِيعَة عهودها وَمن السياسة معهودها ليَكُون للدّين مُوَافقا وللدنيا مطابقا
وَجعلت مَا تضمنه بَابَيْنِ
فالباب الأول فِي أَخْلَاق الْملك
وَالْبَاب الثَّانِي فِي سياسة الْملك
ليَكُون مُشْتَمِلًا على مُعْتَقد ومفعول ومصلحا لعامل ومعمول وترجمته بتسهيل النّظر وتعجيل الظفر إِذْ كَانَ مَا تضمنه دَاعيا إِلَيْهِ وباعثا ٢ آعليه
وَأَنا أسأَل الله الْكَرِيم حسن المعونة والتوفيق وأرغب إِلَيْهِ فِي إمدادي بِالرشد والتسديد وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل
1 / 4
الْبَاب الأول فِي أَخْلَاق الْملك
تمهيد
الْأَخْلَاق غرائز كامنة تظهر بِالِاخْتِيَارِ وتقهر بالاضطرار
وللنفس أَخْلَاق تحدث عَنْهَا بالطبع وَلها أَفعَال تصدر عَنْهَا بالإرادة فهما ضَرْبَان لَا تنفك النَّفس مِنْهُمَا
أَخْلَاق الذَّات
وأفعال الْإِرَادَة
1 / 5
الْفَصْل الأول أَخْلَاق الذَّات
فَأَما أَخْلَاق الذَّات فَهِيَ من نفائج الْفطْرَة وَسميت أَخْلَاقًا لِأَنَّهَا تصير كالخلقة
وَالْإِنْسَان مطبوع على أَخْلَاق قل مَا حمد جَمِيعهَا أَو ذمّ سائرها وَإِنَّمَا الْغَالِب أَن بَعْضهَا مَحْمُود وَبَعضهَا مَذْمُوم لاخْتِلَاف مَا امتزج من غرائزه ومضادة مَا تنافر من نحائزه فَتعذر لهَذَا التَّعْلِيل أَن يستكمل فَضَائِل الْأَخْلَاق طبعا وغريزة وَلزِمَ لأَجله أَن تتخللها رذائل الْأَخْلَاق طبعا وغريزة فَصَارَت الْأَخْلَاق غير منفكة فِي جبلة الطَّبْع وغريزة الْفطْرَة من فَضَائِل محمودة ورذائل مذمومة كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(وَمَا هَذِه الْأَخْلَاق إِلَّا طبائع ... فمنهن مَحْمُود وَمِنْهَا مذمم) // من الطَّوِيل //
قَالَ بعض الْحُكَمَاء
1 / 6
لكل خلق من الْفضل رَقِيب من الدناءة لَا يمْتَنع مِنْهُ إِلَّا مُؤثر للفضل على مَا سواهُ
من هُوَ الْفَاضِل
وَإِذا اسْتَقَرَّتْ هَذِه الْأَخْلَاق على هَذِه الْقَاعِدَة فالفاضل من غلبت فضائله رذائله فَقدر بوفور الْفَضَائِل على قهر الرذائل فَسلم من شين النَّقْص وَسعد بفضيلة التَّخْصِيص وَلذَلِك قَالَ عَليّ ﵇ أول مَا تبتدئون بِهِ من جهادكم جِهَاد أَنفسكُم
وَهَذَا وَاضح لِأَن صَلَاح النَّفس يصلح مَا عَداهَا فَكَانَت أَحَق بالتقديم ٢ ب وَأولى بالتقويم
إِلَى أَي شَيْء تعود الْأَخْلَاق
وَاخْتلف فِي الْأَخْلَاق هَل هِيَ عَائِدَة إِلَى الْفَضَائِل والرذائل أَو إِلَى النَّفس الَّتِي تصدر عَنْهَا الْفَضَائِل والرذائل لظُهُور الْأَخْلَاق بهما
وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا عَائِدَة إِلَى الذَّات الَّتِي حُدُوث النَّفس عَنْهَا
1 / 7
لأي شَيْء ترَاد فَضَائِل الذَّات
وَاخْتلفُوا فِي فَضَائِل الذَّات هَل ترَاد لذواتها أَو للسعادة الْحَادِثَة عَنْهَا
فَذهب بعض الْحُكَمَاء إِلَى أَن المُرَاد بالفضائل ذواتها لِأَنَّهَا المكسبة للسعادة
وَذهب بَعضهم إِلَى أَن المُرَاد بهَا السَّعَادَة الْحَادِثَة عَنْهَا لِأَنَّهَا الْغَايَة الْمَقْصُودَة بهَا
إِلَى أَي شَيْء تتَوَجَّه السَّعَادَة
وَاخْتلفُوا فِي السَّعَادَة هَل تتَوَجَّه إِلَى الْفَضَائِل المحمودة أَو إِلَى مَا يحدث عَن الْفَضَائِل من الْحَمد
فَذهب بعض الْحُكَمَاء إِلَى توجه السَّعَادَة إِلَى الْفَضَائِل المحمودة لِأَنَّهَا نتيجة أَفعاله
وَذهب بَعضهم إِلَى توجه السَّعَادَة إِلَى مَا يحدث عَن الْفَضَائِل من الْحَمد لِأَنَّهَا ثَمَرَة فضائله
وجوب اهتمام ذِي الإمرة بمراعاة أخلاقه
فَحق على ذِي الأمرة وَالسُّلْطَان أَن يهتم بمراعاة أخلاقه وَإِصْلَاح شيمه لِأَنَّهَا آلَة سُلْطَانه وأس إمرته وَلَيْسَ يُمكن صَلَاح جَمِيعهَا بِالتَّسْلِيمِ إِلَى الطبيعة والتفويض إِلَى النحيزة إِلَّا أَن يرتاض لَهَا بالتقويم والتهذيب رياضة تَهْذِيب وتدريج وتأديب فيستقيم لَهُ الْجَمِيع بَعْضهَا خلق مطبوع وَبَعضهَا خلق مَصْنُوع لِأَن الْخلق طبع وغريزة والتخلق تطبع وتكلف كَمَا قَالَ الشَّاعِر
(يَا أَيهَا المتحلي غير شيمته ... وَمن سجيته الْإِكْثَار والملق)
1 / 8
(عَلَيْك بِالْقَصْدِ فِيمَا أَنْت فَاعله ... إِن التخلق يَأْتِي دونه الْخلق)
قَالَ بعض الْحُكَمَاء لَيْسَ شَيْء عولج إِلَّا نفع وَإِن كَانَ ضارا وَلَا شَيْء أهمل إِلَّا ضرّ وَإِن كَانَ نَافِعًا
أَنْوَاع الْأَخْلَاق
فَتَصِير الْأَخْلَاق نَوْعَيْنِ
1 / 9
غريزية طبع عَلَيْهَا
ومكتسبة تطبع لَهَا
والملوك ٣ آبالفضائل الغريزية أخص بهَا من الْعَامَّة لِأَنَّهَا فيهم أوفر وَعَلَيْهِم أظهر لما خصوا بِهِ من كرم المنشأ وعلو الهمة
والعامة بالفضائل المكتسبة أخص من الْمُلُوك لأَنهم إِلَى التماسها أسْرع ولكلالها أطوع لِكَثْرَة فراغهم لَهَا وتوفرهم عَلَيْهَا إِمَّا لرغبة فِي جدواها وَإِمَّا لرغبة فِي عدواها
وَهَذَانِ المعنيان فِي الْمُلُوك معدومان إِلَّا من شرفت نَفسه فَمَال إِلَيْهَا لعلو همته وتوفر عَلَيْهَا لكرم طبعه لِأَنَّهُ لَا يعرى من فضل مكتسب وَلَا يَخْلُو من فعل مستصوب ليتفرد بفضائل النَّفس كَمَا تفرد بعز السُّلْطَان وَالْأَمر فَيصير بتدبير سُلْطَانه أخبر وعَلى سياسة رَعيته أقدر وَالْحَمْد يسْتَحق على الْفَضَائِل المكتسبة لِأَنَّهَا مستفادة بِفِعْلِهِ وَلَا يسْتَحق على الْفَضَائِل المطبوعة فِيهِ وَإِن حمدت لجودها بِغَيْر فعله
تفاضل الْأَخْلَاق
وَاخْتلف فِي أفضلهما ذاتا
ففضل بعض الْحُكَمَاء أَخْلَاق الطَّبْع الغريزي على أَخْلَاق التطبع المكتسب لقُوَّة الغريزي وَضعف المكتسب
1 / 10
وَفضل آخَرُونَ أَخْلَاق التطبع المكتسب على أَخْلَاق الطَّبْع الغريزي لِأَنَّهَا قاهرة لأضدادها بالانتقال إِلَى مَا ضادها
وَقَالَ آخَرُونَ كل وَاحِد مِنْهُمَا مُحْتَاج إِلَى الآخر لِأَن الْأَخْلَاق لَا تنفك مِنْهُمَا بِمَنْزِلَة الرّوح والجسد
وكما لَا يظْهر أَعمال الرّوح إِلَّا الْجَسَد وَلَا ينْهض الْجَسَد إِلَّا بحركة الرّوح كَذَلِك الغريزة والاكتساب متقابلان فِي الْفِعْل ومتشاركان فِي الْفضل فتساويا فِي الطَّبْع والغريزة كَمَا قَالَ البحتري
(وَلست أَعْتَد للفتى حسبا ... حَتَّى يرى فِي فعاله حَسبه) // من المنسرح //
وَفرق بعض أهل اللُّغَة بَينهمَا فِي الِاسْم فَقَالَ
الطَّبْع هُوَ الْخَتْم والتطبع هُوَ الْخلق
٣ - ب
1 / 11
الْفَصْل الثَّانِي أَوَائِل الْفَضَائِل وأواخرها
مبادئ الْفَضَائِل
وللفضائل مبادئ هِيَ أَوَائِل وأواخر
وَأول الْفَضَائِل الْعقل
وَآخِرهَا الْعدْل
لِأَن الْعقل أصل الْفَضَائِل بحدوثها عَنهُ وتدبيرها بِهِ فَلذَلِك كَانَ أَولهَا
وَالْعدْل نتيجة الْفَضَائِل لِأَنَّهَا مقدرَة بِهِ فَلذَلِك صَار آخرهَا
وهما قرينان مؤتلفان وَمَا ائتلف أَمْرَانِ إِلَّا كَانَ أَحدهمَا مُحْتَاجا إِلَى الآخر اضطرارا وَمَا سواهُمَا من الْفَضَائِل وَاسِطَة بَين الْعقل وَالْعدْل يخْتَص الْعقل بتدبيرها وَالْعدْل بتقديرها فَيكون الْعقل مُدبرا وَالْعدْل مُقَدرا وَلَيْسَ تنفك الْفَضَائِل بِوَاحِد مِنْهُمَا وَإِنَّمَا تنفك بِالنَّفسِ المطيقة لَهما فَإِن كَانَت النَّفس زكية صَافِيَة تهيأت للفضائل فَعمِلت بهَا
وَإِن كَانَت خبيثة تهيأت
1 / 12
للرذائل فعدلت إِلَيْهَا وَصَارَ مَا وافقها مِنْهُمَا سهلا عَلَيْهَا فِي سرعَة انفعاله بِحكم الْمُنَاسبَة وَمَا خالفها صعبا عَلَيْهَا فِي تَأَخّر انفعاله بِحكم المنافرة
لِأَن مُوَافقَة الأشكال مركوزة فِي الطباع كَمَا قيل
الْمَوَدَّة مشاكلة طبيعية فِي أَنْوَاع شخصية يماثل بَعْضهَا بَعْضًا من حَيْثُ يعلم وَمن حَيْثُ لَا يعلم
قَالَ بعض الْحُكَمَاء الْمُتَقَدِّمين
إِن قَوَاعِد الْأَخْلَاق الفاضلة أَربع يتَفَرَّع عَنْهَا مَا عَداهَا من الْفَضَائِل وَهِي التَّمْيِيز والنجدة والعفة وَالْعدْل وَيتَفَرَّع عَن أضدادها الْكثير من الرذائل
أَوَائِل الرذائل وأواخرها
وللرذائل مبادئ هِيَ أَوَائِل وغايات هِيَ أَوَاخِر
1 / 13
فَأول الرذائل الْحمق
وَآخِرهَا الْجَهْل
وَفِي الْفرق بَينهمَا وَجْهَان
أَحدهمَا أَن الأحمق هُوَ الَّذِي يتَصَوَّر الْمُمْتَنع بِصُورَة الْمُمكن وَالْجَاهِل هُوَ الَّذِي لَا يعرف الْمُمْتَنع من الْمُمكن
وَالْوَجْه الثَّانِي أَن الأحمق هُوَ الَّذِي يعرف الصَّوَاب وَلَا يعْمل بِهِ وَالْجَاهِل هُوَ الَّذِي ٤ آلا يعرف الصَّوَاب وَلَو عرفه لعمل بِهِ
وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ
(الأحمق أبْغض خلق الله إِلَيْهِ إِذْ حرمه أعز الْأَشْيَاء إِلَيْهِ وَهُوَ الْعقل)
وَالْعرب تَقول الأحمق مَأْخُوذ من حمقة السُّوق إِذا نقصت وَكَأَنَّهُ إِشَارَة إِلَى ذهَاب عقله
وللجاهل حالتان
1 / 14
الْحَال الأولى أَن يجهل وَيعلم أَنه يجهل
وَهَذَا يجوز أَن يسترشد فَيعلم مَا جهل إِن أمد بحمية باعثة وأعين بِنَفس قَابِلَة كَمَا قيل
لَوْلَا الْخَطَأ مَا أشرق نور الصَّوَاب
قَالَ الشَّاعِر
(إِذا صَحَّ حس الْمَرْء صَحَّ قِيَاسه ... وَلَيْسَ يَصح الْعقل من فَاسد الْحس) // من الطَّوِيل //
وَالْحَال الثَّانِيَة أَن يجهل ويجهل أَنه يجهل
فَهُوَ أسوأهما حَالا وأقبحهما خِصَالًا لِأَنَّهُ إِذا جهل جَهله صَار جهلين متشاكلين فِي الصُّور مُخْتَلفين فِي الْأَثر
أَحدهمَا سالب لهدايته
وَالْآخر جالب لغوايته
فطاح بِالْأولِ فِي سكراته
ومرح بِالْآخرِ فِي هفواته
فَلم يخْتَر لَهُ فاقه
وَلم ترج لَهُ إفاقة
وَقد قَالَ جالينوس
الْجَهْل بِالْجَهْلِ جهل مركب
1 / 15
لِأَن أَجْهَل وَأعلم أنني أَجْهَل أحب إِلَيّ من أَن أَجْهَل وأجهل أنني أَجْهَل
قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد ﵇
النائحة على الْمَيِّت سَبْعَة أَيَّام وعَلى الْجَاهِل كل أَيَّام حَيَاته وَالْمَوْت خير من الْحَيَاة الردية
وَقيل فِي منثور الحكم
الْجَاهِل وَإِن توفرت عَلَيْهِ الْأَيَّام فَكَأَنَّهُ ابْن يَوْمه وتلاد سَاعَته
وَقَالَ بعض الْعَرَب
لَو صور الْعقل لاظلمت مَعَه الشَّمْس وَلَو صور الْجَهْل لأضاء مَعَه اللَّيْل
قَالَ الشَّاعِر
(لِلْعَقْلِ مَا خلق الْإِنْسَان فالتمسن ... بِالْعقلِ حظك لَا بِالْجَهْلِ والرتب)
1 / 16
(٤ ب لَا يلبث الْجَهْل أَن يجني لصَاحبه ... ذما وَيذْهب عَنهُ بهجة الْحسب) // من الْبَسِيط //
مَا هِيَ الْفَضَائِل
والفضائل توَسط مَحْمُود بَين رذيلتين مذمومتين من نُقْصَان يكون تقصيرا أَو زِيَادَة تكون سَرفًا فَيكون فَسَاد كل فَضِيلَة من طرفيها
فالعقل وَاسِطَة بَين الدهاء والغباء
وَالْحكمَة وَاسِطَة بَين الشَّرّ والجهالة
والسخاء وَاسِطَة بَين التقتير والتبذير
والشجاعة وَاسِطَة بَين الْجُبْن والتهور
1 / 17
وَالْحيَاء وَاسِطَة بَين القحة والحصر
وَالْوَقار وَاسِطَة بَين الهزء والسخافة
والسكينة وَاسِطَة بَين السخط وَضعف الْغَضَب
والحلم وَاسِطَة بَين إفراط الْغَضَب ومهانة النَّفس
والعفة وَاسِطَة بَين الشره وَضعف الشَّهْوَة
والغيرة وَاسِطَة بَين الْحَسَد وَسُوء الْعَادة
والظرف وَاسِطَة بَين الخلاعة والفدامة
والمودة وَاسِطَة بَين الخلابة وَحسن الْخلق
والتواضع وَاسِطَة بَين الْكبر ودناءة النَّفس
تركيب الْفَضَائِل مَعَ غَيرهَا
وَقد يحدث من تركيب فَضَائِل مَعَ غَيرهَا من الْفَضَائِل فَضَائِل أخر
فَيحدث من تركيب الْعقل مَعَ الشجَاعَة الصَّبْر فِي الملمات وَالْوَفَاء بالإيعاد
1 / 18
وَعَن تركيب الْعقل مَعَ السخاء إنجاز المواعيد والإسعاد بالجاه
وَعَن تركيب الْعقل مَعَ الْعِفَّة النزاهة وَالرَّغْبَة عَن الْمَسْأَلَة
وَعَن تركيب الشجَاعَة مَعَ السخاء الإملاق والأخلاق
وَعَن تركيب الشجَاعَة مَعَ الْقُوَّة إِنْكَار الْفَوَاحِش والغيرة على الْحرم
وَعَن تركيب السخاء مَعَ الْعِفَّة الْإِسْعَاف بالقوت والإيثار على النَّفس
نتائج كثير من الْأَخْلَاق تؤول إِلَى رذائل
ولكثير من الْأَخْلَاق نتائج تؤول إِلَى رذائل
حُكيَ عَن عَليّ ﵇ أَنه قَالَ
أعجب مَا فِي الْإِنْسَان نَفسه وَمَا فِيهَا من التضاد مَا أذكرهُ
إِن سنح لَهَا الرَّجَاء أذلها الطمع
وَإِن أهاجها الطمع أهلكها الْحِرْص
وَإِن ملكهَا الْيَأْس قَتلهَا الأسف
وَإِن عرض لَهَا الْغَضَب اشْتَدَّ بهَا الغيظ
1 / 19
وَإِن أسعدها الرِّضَا أنسيت التحفظ
وَإِن نالها خوف شغلها الحذر
وَإِن اتَّسع لَهَا الْأَمْن استلبتها الْعِزَّة
وَإِن جددت لَهَا نعْمَة أحدثت لَهَا مرحا
وَإِن أصابتها مُصِيبَة فضحها الْجزع
وَإِن نَالَتْ مَالا أطغاها الغي
وَإِن أفرط عَلَيْهَا الشِّبَع كظتها البطنة
فَكل تَقْصِير بهَا مُضر
وكل إفراط لَهَا مفْسدَة وَقَالَ غَيره
1 / 20
الإفراط فِي التَّوَاضُع مذلة
والإفراط فِي التكبر يستحر البغضة
والإفراط فِي الحذر يَدْعُو إِلَى إِيهَام الْخلق
والإفراط فِي الْأنس يكْسب قرناء السوء
والإفراط فِي الإنقاص يوحش ذَوي النَّصِيحَة
قَالَ ابْن المعتز
لَو ميزت الْأَشْيَاء لَكَانَ الْكَذِب مَعَ الْجُبْن والصدق مَعَ الشجَاعَة والراحة مَعَ الْيَأْس والذل مَعَ الطمع والحرمان مَعَ الْحِرْص
أَقسَام الْخلق الذاتي
وَقد يَنْقَسِم قسمَيْنِ
أَحدهمَا مَا أوجب ثَنَاء المخلوقين. .
1 / 21
وَهُوَ مَا عدا نَفعه عَلَيْهِم
وَالثَّانِي مَا اقْتضى ثَنَاء الْخَالِق
وَهُوَ مَا قصد بِهِ وَجه الله تَعَالَى
روى جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ
ناجى الله بعض أنبيائه فَقَالَ يَا رب أَي خلقك أحب إِلَيْك
قَالَ أَكْثَرهم لي ذكرا
قَالَ يَا رب فَأَي خلقك أَصْبِر
قَالَ أكظمهم للغيظ
قَالَ يَا رب فَأَي خلقك أعدل
قَالَ من أدان نَفسه
قَالَ يَا رب فَأَي خلقك أغْنى
قَالَ أقنعهم برزقه
قَالَ يَا رب فَأَي خلقك أسعد
قَالَ من آثر أَمْرِي على هَوَاهُ
قَالَ يَا رب فَأَي خلقك أَشْقَى
قَالَ من لم تَنْفَعهُ الموعظة ٥ ب
فَهَذَا مَا تعلق بأخلاق الذَّات
1 / 22