Tarikh Tamaddun Islami
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Genres
لا يزالون
وخلاصة ذلك أن الدول الإسلامية التي ظهرت من أول الإسلام إلى الآن نيف ومائة دولة عدد رؤسائها نحو 1200 رئيس، فيهم الخلفاء والسلاطين والملوك والأمراء والأتابكة والإخشيدية والخديويون والشرفاء والبايات والدايات وغيرهم، ومن عواصمهم المدينة والكوفة ودمشق وبغداد والقاهرة والقيروان وقرطبة والآستانة وصنعاء وعمان ودهلي وغيرها.
هذه مقدمات تاريخية في كيفية تأسيس الدولة الإسلامية وإنشاء التمدن الإسلامي، تمهيدا لما سيأتي من تاريخ ذلك التمدن.
وقد رأيت أنهم أنشأوا دولا كثيرة تمدنت في عصور مختلفة، ولما كانت الدولة العباسية أشهرها جميعا وأسبقها إلى المدنية فسنجعل ما يأتي من وصف التمدن خاصا بها على الأكثر.
الدولة الإسلامية
سعتها وأعمالها
تأسست الدولة الإسلامية في المدينة في السنة الأولى للهجرة والمسلمون قليلون وكل أرض خارج حدود المدينة لا تدخل في زمامهم وكل رجل من غير الصحابة والمهاجرين والأنصار عدو لهم، وحدود تلك الدولة محصورة بيثرب وبعض ضواحيها، وكانت دار الحكومة والقضاء يومئذ المسجد أو بيت النبي أو بيوت الصحابة، وما زال ذلك شأنها إلى السنة الرابعة للهجرة فأضافوا إليها أرض بني النضير، وفي السنة التالية أرض خيبر ثم فدك، فوادي القرى فتيماء، ثم فتحوا مكة فالطائف فتبالة فجرش، ثم مدوا حدودهم شمالا إلى تبوك وأيلة وجنوبا إلى نجران فاليمن فعمان فالبحرين فاليمامة.
ولما توفي النبي سنة 10 للهجرة كانت سطوة الإسلام قد أظلت كل جزيرة العرب، وشاهد النبي دولة الإسلام تمتد من تبوك وأيلة شمالا إلى شواطئ اليمن جنوبا ومن خليج العجم شرقا إلى بحر القلزم غربا. (1) سعتها في زمن الخلفاء الراشدين
فلما تولى أبو بكر وفرغ من الردة بعث الجند لفتح الشام والعراق، وأتم فتحهما عمر بن الخطاب وفتح مصر، وكانت أكثر الفتوح في عصره، وخلفه عثمان ففتح بلادا أخرى، وشغل المسلمون عن الفتوح بعد مقتله بالفتنة التي شبت بينهم، حتى إذا انقضى عصر الخلفاء الراشدين وضع معاوية يده على أزمة الخلافة ورايات المسلمين تخفق على الشام ومصر والنوبة وإفريقية والعراق وفارس وأرمينية وأذربيجان وجرجان وطبرستان والأهواز وغيرها.
وكان الخليفة يقيم في المدينة (أو الكوفة) ويرسل عماله إلى الأعمال (الولايات)، وأكبر أعمال المملكة الإسلامية يومئذ الشام وتحتها أجناد حمص وقنسرين والأردن وفلسطين والثغور، ثم العراق وأعظم أعماله السواد وهو ما بين دجلة والفرات وعاصمته الكوفة على الفرات، وما عدا السواد البصرة وقرقيسية والري وأصفهان ونهاوند وأذربيجان وحلوان وهمدان وغيرها، وفي بلاد العرب مكة والطائف والبحرين وعمان وصنعاء، وفي قارة أفريقيا مصر وما يتبعها من أفريقية في بلاد المغرب والنوبة في أعالي وادي النيل، وكان الخلفاء يرسلون عمالهم إلى هذه الأعمال رأسا من المدينة (أو الكوفة)، إلا الشام فقد كان عاملها يقيم في دمشق وهو يولي عمالا على ما تحتها من الأجناد، وكذلك مصر، كان عاملها في الغالب يرسل العمال من تحت إمرته إلى أفريقية والنوبة.
Unknown page