لو لم يمل المال إلى الحمير ، لما وجدت حلقات (فروج) البغال فرصة خلاصها.
لماذا يجب على العاقل أن يرتكب الأهوال فى سبيل اكتساب الأموال ، لأن شيطان الطبيعة يخدع سلطان الشريعة وعلى قدر معرفته يتوصل إلى قدر ومعرفة الحقير.
ملوك الورى لا أقبل التبر والكبرا
ولا أحضر القدر التى تذهب القدر
هكذا سمعت أن حاتم الأصم لم يكن شخصا من أبدال المتأخرين ، وكان يأتى إليه من أقطار العالم الصوفية والعارفون فى طلب العلم والحكمة ، وكان لا يجيب على أى سؤال ما لم يعطه الله تعالى قوة جوابه ، وفى عام من الأعوام عزم على أن يذهب إلى موضع ما وكانوا يطلقون على ذلك المكان رباط فسأل العجوز التى كانت زوجته كم نفقة لديك؟ فأجابته على الفور : حتى نهاية العمر ، فقال الشيخ : ومن يعرف نهاية العمر ، فقالت : أيها الشيخ ، إن علم الرزق يكون هكذا ، قال حاتم الأصم : (بعد ذلك حقتنى العجوز ، حقتنى العجوز) وعلى هذا النحو حدث مع الشيخ أبى يزيد البسطامى رحمة الله عليه أنه ذات يوم كان يمدح واحدا من مريديه عند عالم ، فسأل العالم : من أين كانت معيشته؟ فقال : يا يزيد إنى لا أشك فى الخالق حتى أسأل عن رزقه فخجل العالم ، ويقول عن أبى سعيد بن خراز إنه قال وقت أن ضاع بنو إسرائيل وكان ذلك فى الطريق إلى مكة ووصل إليها بعد جهد شاق وكنت مستحسنا العطش والجوع وحدثت نفسى أن أطلب من الله رزقا وقلت : كيف سأطلب شيئا هو قد تكفل به؟ وقلت : إذن أطلب القوة حتى أنشغل بها فسمعت صوت الهاتف :
أيزعم أنه منا قريب
وأنا لا نضيع من آتانا
والحكيم سبحانه وتعالى يفرض للمخلوقات ما فيه صلاح الأمر ، وتصديقا لقوله : ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ) (2) وتفاوت الأرزاق والآجال متعلق بحكمته وعلمه ، وبعضها على سبيل الاختيار والبعض الآخر على سبيل الاختيار والتوجه والحجة.
Page 66