Tarikh Qarsana
تاريخ القرصنة في العالم
Genres
في عام 1966م حاول القراصنة اختطاف طائرة مدنية كوبية من طراز «إليوشن-18» والذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت هذه الطائرة تقوم برحلتها المنتظمة بين سانتياجو دي كوبا وهافانا. وفي ليلة السابع والعشرين صباح الثامن والعشرين من مارس، قام ضابط الملاحة أ. بيتانكور البالغ من العمر سبعة وعشرين عاما بضرب رجل الشرطة أ. رايس على حين غرة، ثم أطلق عليه الرصاص بعد أن انتزع منه مسدسه الخاص. كانت الطائرة في هذه الأثناء تحلق بالقرب من الساحل الشمالي لكوبا. حاول بيتانكور أن يرغم قائد الطائرة الفريس على تحويل مسار طائرته، ليهبط بها في ميامي بولاية فلوريدا، لكن الطيار حلق بالطائرة فوق البحر بمحاذاة الشاطئ الكوبي محافظا على رباطة جأشه، حتى تمكن من الاتصال لاسلكيا بنقطة المراقبة الأرضية في مطار هافانا، وأبلغ السلطات بما يحدث في الجو.
تم الاتفاق على خطة هبوط الطائرة في هافانا، وإبان ذلك كان على الطيار أن يبقي القرصان المسلح على اقتناعه بأن الطائرة في طريقها إلى الولايات المتحدة الأمريكية . لم يدرك القرصان أنه قد جرى التغرير به إلا لحظة هبوط الطائرة في مطار هافانا. وعندئذ حاول من جديد إرغام الطائرة على التحليق في الجو، وعندما فشلت محاولته أطلق عليه الرصاص، ثم قفز من الطائرة، وفر متسترا بالظلام الحالك، وظل مختفيا عدة أيام في أحد الأديرة حتى تمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليه، لينال جزاءه الذي قضت به إحدى المحاكم الكوبية.
وقد جاء في البيان الرسمي الذي أذاعته السلطات الكوبية بشأن هذا الحادث، أن هذا القرصان كان بوسعه أكثر من مرة أن يغادر كوبا إبان رحلاته إلى الخارج بوصفه ضابط ملاحة جوية، لكن الملابسات التي أحاطت بتصميمه على ارتكاب هذا العمل الإجرامي المغامر، يستوجب الإشارة إلى تأثير الدعاية الأمريكية، التي تشجع الخونة الكوبيين على القيام بهذا النوع من الأعمال «البطولية».
لم توقف العقوبات القاسية على القرصنة الجوية المجرمين من الاستمرار في خطف الطائرات في الجو في منطقة البحر الكاريبي، حتى كادت تصبح من الأمور المألوفة، حتى إن الصحافة لم تعد تخصص لها سوى بضعة سطور على صفحاتها. وقد لوحظ أن الطرق التي لجأ إليها مختطفو الطائرات والدوافع التي تقف وراء أعمالهم، وهم يخاطرون بحريتهم أو حياتهم، تختلف من واحد إلى الآخر بشكل كبير.
على سبيل المثال: فالطائرة العاشرة في سجل الطائرات التي أجبرت على الذهاب إلى كوبا وصلت إلى هناك في عام 1968م، وكانت طائرة صغيرة من الطائرات التي يتم استئجارها من طراز «سيسنا». في صباح الأحد الرابع من أغسطس وكان الجو صحوا، قام مواطن أمريكي باستئجار الطائرة المذكورة في مدينة نابلس بولاية فلوريدا، وذكر أنه يرغب في القيام بنزهة جوية بصحبة ابنته الصغيرة، وما إن حلقت الطائرة في الجو، حتى أرغم الراكب الطيار تحت تهديد السلاح على العبور بالطائرة إلى هافانا، وقد أعادت السلطات الكوبية الطائرة إلى الولايات المتحدة كما أطلقت سراح قائدها.
تعد الطائرات الكبيرة التي تعمل على خطوط جوية منتظمة هي أكثر ضحايا القرصنة الجوية، في الثالث والعشرين والرابع والعشرين من نوفمبر عام 1968م، هبطت في مطار هافانا طائرتان أمريكيتان، بعد أن أجبر طاقماهما تحت تهديد السلاح على تغيير مساريهما والطيران إلى كوبا. كانت الطائرتان نفاثتين، إحداهما من طراز «بوينج-727» تتبع شركة طيران «إيسترن إير لاينز»، وعلى متنها ثلاثة وثمانون راكبا، والأخرى من طراز «بوينج-707», وتمتلكها شركة طيران «بان أميركان». وقد أعيدت الطائرتان وعلى متنهما جميع الركاب الذين أعربوا عن رغبتهم في العودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية على الفور.
في نهاية شهر نوفمبر ومستهل شهر ديسمبر عام 1968م، جرى تسجيل رقم قياسي لخطف الطائرات في منطقة البحر الكاريبي، حيث اضطرت ثلاث طائرات نفاثة أمريكية ضخمة، تحمل مائتين وثمانية وسبعين راكبا من الهبوط - خلال أسبوع واحد فقط - في مطار هافانا. وقد انتهت كل الحوادث المذكورة نهاية طيبة، ويبدو أن شركات الطيران التي تقوم بتشغيل الخطوط الجوية المارة بالقرب من منطقة الكاريبي، قد استسلمت للقرصنة الجوية، وأخذت في التعامل معها على أنها شر لا بد منه، فاكتفت بتوفير أمن وسلامة الطائرات والركاب، بل إن هذه الشركات قامت - تحسبا لأية ظروف طارئة - بمد طياريها بخرائط لمطار هافانا الذي يحمل اسم «خوسيه مارتي»، وأصدرت أوامرها للمضيفات ألا ينزلقن في أي نوع من الشجار، مع أي شخص يحتمل أن يكون من مختطفي الطائرات، وأن يقمن على قدر الإمكان بتنفيذ التعليمات المنوطات بتنفيذها.
وبمناسبة هذه الحوادث قامت مجلة «تايم» الأمريكية الأسبوعية، مستغلة المعلومات الوفيرة التي حصلت عليها في عام 1968م، بنشر مذكرة لركاب الطائرات المخطوفة في أحد أعداد شهر ديسمبر تميزت بالطرافة، اقترحت طبعها على هيئة كراسات يمكن وضعها خلف مقاعد الطائرات مع بقية الإرشادات الموجهة للركاب، وها هي «النصائح الغالية» التي أسدتها المجلة في «مذكراتها»: • هناك أربعة «محاذير» في الجو وهي بالتحديد:
أولا:
لا تتصرف بعدوانية؛ لأن مختطفي الطائرة عادة ما يكون مسلحين جيدا، وهم ميالون - بحكم المخاطرة الكبرى التي يقومون بها - إلى المسدسات والسكاكين. هناك مع ذلك بعض الاستثناءات، فقد استخدم المدعو إنانديس المهاجر الكوبي البالغ من العمر ثلاثة وعشرون عاما، والذي قام في يوليو عام 1968م باختطاف طائرة من طراز «دي سي-8»، تابعة لشركة الطيران «ناشيونال إير لاين»، استخدم شيئا ما أكد أنه قنبلة يدوية، وذلك بهدف إثارة الخوف لدى طاقم الطائرة وركابها، وقد تبين بعد هبوط الطائرة في هافانا أن هذا الشيء لم يكن ببساطة سوى زجاجة عطر رشاشة تستخدم بعد الحلاقة، وقد لفها في منديل يد.
Unknown page