Tarikh Islami Muqaddima Qasira

Inas Maghribi d. 1450 AH
36

Tarikh Islami Muqaddima Qasira

التاريخ الإسلامي: مقدمة قصيرة جدا

Genres

ما يهمنا هنا ليس الدقة التاريخية لهذه النظريات، وإنما حقيقة توظيفها من الأساس من جانب أهل الغرب ومن أجلهم. ومع أنه واضح أن للتاريخ الإسلامي أهمية دينية ضئيلة لدى غير المسلمين (على الأقل في ظل غياب خلافة عالمية)، فهناك إدراك قد بدأ لتوه لأهميته السياسية، وهي نقطة سنعود إليها في خاتمة الكتاب.

ملخص

ربما وجد المتحولون إلى الإسلام من غير العرب في القرن الأول من ظهور الإسلام أن الطابع العربي للدين غريب إلى حد ما، لكن من اعتنقوا الإسلام منذ العصور العباسية استوعبوا بسلاسة داخل الدين، واستطاعوا على الفور دمج تجاربهم وثقافتهم وماضيهم في شبكة المجتمعات الإسلامية الآخذة في النمو. علاوة على ذلك، ومثلما أشرنا في الفصلين السابقين، استطاع هؤلاء تبني مخزون تاريخي جاهز ومعروف وثري والاستفادة منه في السعي وراء تحقيق أهداف دينية وسياسية.

لهذه الأسباب، ربما يكون التاريخ الإسلامي هو الموروث الديني الوحيد الذي لا يختص تاريخه التأسيسي والكلاسيكي بقومية أو عرقية. فقليل من الأشخاص هم من يختارون اعتناق اليهودية من الأساس (ناهيك عن تاريخها)، ومع أن هناك كثيرين اعتنقوا المسيحية، فالعلاقة بين الموروث المسيحي وكيان تاريخي مميز هي علاقة ضعيفة. حتى وقائع التاريخ المسيحي التي احتفظت بأهميتها في العصور الحديثة - مثل الحملات الصليبية - لها صدى لدى بعض المسحيين (مثل الأوروبيين الغربيين) أكبر مما لها لدى آخرين (مثل الأمريكيين الجنوبيين). وقد قال جورج بوش في تصريح شهير: «أظن أننا نتفق على أن الماضي قد انتهى.» وهو ليس سوى تصريح واحد من بين عدة تصريحات يختلف معها معظم المسلمين.

هوامش

خاتمة

أدين للقارئ ببعض الإجابات عن سؤال طرحته في بداية الكتاب: لماذا تبدو المجتمعات الإسلامية والغربية متجهة نحو الصدام رغم جذورها المشتركة في عقيدة التوحيد السامية لدول الشرق الأدنى؟ يطرح هذا السؤال افتراضات سوف يعترض عليها بعض القراء. قد يقولون إنه لا يوجد مثل هذا التوتر بين المسلمين وأهل الغرب؛ أو أنه ليس هناك «مسلمون» و«غرب» على الإطلاق، بل هم مجرد أفراد أو مجتمعات فردية لا ينبغي تجميعها تحت مسميات عامة؛ أو أن السؤال نفسه يكشف عن تحيز ثقافي، لصالح أو ضد الغرب، أو لصالح أو ضد المسلمين، أو عن سذاجة. (هؤلاء القراء قطعا سينفرون مما سيلي ذكره.) ومع أنها اعتراضات منطقية، ومع أن تنوع المجتمعات الإسلامية كان موضوعا غالبا في هذا الكتاب، علينا أن نعي أنه للإجابة عن أسئلة عامة لا بد أن نلجأ أحيانا إلى تعميمات (معترف بنقصانها). علاوة على ذلك، ثمة أشخاص في مواقع بارزة في كل من المجتمعات الإسلامية والغربية يعتقدون أن صداما قد وقع بالفعل، أو يقع الآن، أو سيقع حتما بين «الإسلام» و«الغرب». ومما لا شك فيه أن التصريحات العلنية لبعض الزعماء في كلا الجانبين، وفي بعض الحالات أفعالهم على أرض الواقع لا تدع مجالا للشك بشأن مشروعية السؤال المهم الذي يطرحه هذا الكتاب. فكيف يمكن للتاريخ الإسلامي أن يساعد في الإجابة عن هذا السؤال؟

تقدم الفصول المختلفة من هذا الكتاب إجابات خاصة بموضوع كل منها. فالفصول الثلاثة الأولى تقدم أربع إجابات مقبولة، مركزة على العامل الجغرافي، والمؤثرات الثقافية «الخارجية»، والسجل السابق للعلاقات الغربية الإسلامية، والظروف السياسية المحيطة بتشكل الإسلام. لقد شكلت البيئة الجغرافية التي ظهر فيها التاريخ الإسلامي المجتمعات الإسلامية بطرق مهمة للغاية. فالمنطقة القاحلة الكبرى عرفت المسلمين على حقائق قاسية حددت كل شيء بدءا من التخطيط الحضري وحتى بزوغ نجم الحركات الطائفية وبقائها. ولما كانت للأراضي الإسلامية حدود نشطة مع أفريقيا وأوروبا وآسيا الوسطى وجنوب آسيا، فقد أدى ذلك إلى تعرض المجتمعات الإسلامية لحضارات وتأثيرات متنوعة، بالإضافة إلى التوحيد في الشرق الأدنى. ولقاؤنا مع شعوب التاريخ الإسلامي أكد أيضا على التأثيرات الحاسمة التي خلفها الفرس والأتراك على المجتمعات الإسلامية بدءا من أواخر القرن الثامن فصاعدا. ربما انطلق «الإسلام» و«الغرب» من نقاط بداية متشابهة، لكن سرعان ما «تشعب طريقاهما داخل غابة»، والواقع أن هذا هو ما أدى إلى الاختلاف كله.

ثمة إجابة أخرى معتمدة على التاريخ وهي أن الارتباط «الإسلامي» بالثقافة «الغربية» - حسبما قدمتها أوروبا لأسباب جغرافية - غلبت عليه العداوة التي تعد التوترات الحالية إما امتدادا أو انعكاسا لها. بطبيعة الحال تولدت حالة من انعدام الثقة بين «المسلمين» و«أهل الغرب» نتيجة الصراعات الأولى مع بيزنطة، يليها الحروب ضد دول البحر المتوسط المسيحية، والحملات الصليبية، و«حروب الاسترداد»، والتوسع العثماني في أوروبا ثم الانسحاب منها، وأخيرا الاستعمار. هذه السلسلة من الصراعات والذكريات - الحديثة والقديمة على حد سواء - عن عداء الغرب، والاضطهاد، والاستعمار ربما تثني المسلمين المعاصرين عن «الاستثمار» في الثقافة الغربية، وهو ما كانت له تبعات مهمة؛ فها هو كتاب صدر حديثا عن المائة شخصية المسلمة الأكثر تأثيرا في التاريخ يورد شخصية إسلامية غربية واحدة - مالكوم إكس - بالكاد يمكن اعتبارها إحدى قصص النجاح في التعاون الغربي الإسلامي. والواقع أن مالكوم إكس ليس بطلا من وجهة نظر الكثيرين في الغرب بسبب آرائه السياسية؛ وربما لا يعتبره كثيرون في العالم الإسلامي مسلما بسبب ارتباطه بحركة «أمة الإسلام». هذا الأمر يشبه الدائرة المفرغة؛ فكلما زاد الشك المتبادل بين الجانبين، تضاءل احتمال «استثمار» المسلمين بأقصى ما يستطيعون في الثقافة الغربية. وهكذا تظل قائمة الأبطال المسلمين تطغى عليها رموز غير غربية غير معاصرة يحتفي بها المسلمون وحدهم؛ وتبعا لذلك ستزداد مشاعر المسلمين بالعزلة عن المجتمعات غير الإسلامية وتدوم إلى الأبد. لكن ما يدعو للتفاؤل أن هشاشة هذه الدائرة المفرغة قد انكشفت على أيدي الأقلية غير المسيحية الأخرى في أوروبا، وهم اليهود. فعلى الرغم مما لأوروبا المسيحية من تاريخ طويل من اضطهاد اليهود وسوء معاملتهم حتى وقت قريب، فقد أنجب يهود أوروبا أينشتاين وفرويد وماركس وغيرهم الكثيرين ممن يحظون بتقدير الأوروبيين يهودا وغير يهود على حد سواء. ومن ثم، فمن المحتمل أن ينجب مسلمو الغرب أبطالا ينالون تقدير الجانبين معا حال توافر الوقت والظروف المواتية.

تنبهنا قصة التاريخ الإسلامي أيضا لاختلاف جوهري بين تشكيل المؤسسات الإسلامية من ناحية، والمؤسسات اليهودية والمسيحية من الناحية الأخرى. فمع أن محمدا وأصحابه واجهوا عقدين من الصعوبات بل والاضطهاد، مات النبي زعيما لمجتمعه بعدما هزم أعداءه في مكة وأرشد قبائل شبه الجزيرة العربية إلى الإسلام. وعلى مدار القرون التالية، انتشر الحكم الإسلامي في الوقت الذي كانت تتطور فيه المذاهب القديمة وكتب الشريعة ومؤسسات الإسلام؛ وذلك في ظل رعاية الدولة غالبا ومن مركز ذي نفوذ سياسي. وعلى النقيض، لم يحقق موسى قط نجاحا مماثلا في الأرض المقدسة، ومات المسيح مصلوبا. وإلى أن اعتنقت القسطنطينية المسيحية دينا رسميا للإمبراطورية الرومانية الشرقية في القرن الرابع الميلادي، كان المسيحيون أقلية مضطهدة منذ قرون (كتبت خلالها الأناجيل وعاش خلالها الآباء المؤسسون للدين). أما اليهودية فهي نتاج مصادر («المشناه» و«التلمود») كتبت في عهد حكم «أجنبي» في أعقاب تدمير المعبد الثاني (نحو عام 70 ميلادي). وهكذا ولدت اليهودية والمسيحية (أو تبلورت في حالة اليهودية) أثناء فترات من الضعف السياسي ودون أي رعاية أو دعم ملكي. وعلى الرغم من أن المسيحيين ومن بعدهم اليهود قد حازوا النفوذ السياسي، تسلم المصادر اليهودية والمسيحية جدلا بالجوانب العملية للعيش تحت مظلة حكم آخرين؛ وذلك استنادا إلى الخبرات المكتسبة أثناء الفترات «الكلاسيكية» لكلتا الديانتين. وعلى النقيض، عادة ما تشير أهم الأعمال الخاصة بالشريعة الإسلامية - وخصوصا التي كتبت في الفترة من عام 800 إلى 1100 - إلى أحداث وقعت في الفترة من عام 600 إلى 800. لذا لا يتصور الفقهاء المسلمون احتمالية العيش في ظل حكم «أجنبي» (وهو موقف لم يحدث إلا في منتصف القرن الحادي عشر). وبالطبع ثمة مصادر لاحقة كتبت في ظل الحكم المغولي أو الصليبي أو المسيحي في شبه الجزيرة الأيبيرية تضع في الاعتبار الظروف السياسية المتغيرة، وبعضها حظي بالشهرة والتأثير. (والكثير من هذه المصادر ينصح المسلمين الذين يعيشون في ظل حكم أجنبي بالهجرة إلى الأراضي المسلمة التي لا يقلل فيها من شأن ممارسة الإسلام.) الغاية أن أغلب المصادر الفقهية الإسلامية، وأولها ظهورا وأعلاها قدرا، تنصح المسلمين بممارسة دينهم بالتأكيد على ثقافة دينية مهيمنة. لذا، فإن ما قد ينظر إليه الكثيرون من أهل الغرب بين المسلمين الممارسين لعقيدتهم على أنه تعنت يعوق علاقات الجوار، أو على أنه إحجام عام عن تكييف عقيدتهم مع الثقافات الحالية للدول غير المسلمة ربما يمكن تفسيره بالرجوع إلى مسار التاريخ الإسلامي.

Unknown page