Tarikh Culum Cinda Carab
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Genres
خامسا: منهاج علمي للدرس والتحصيل
هكذا نلاحظ أن البيروني تأثر بالفارابي وبالرازي وابن سينا الذي يصغره في السن وفي العبقرية العلمية، كما أكد دي بور (راجع الهامش 24) ... تأثر أيضا بالكندي والمسعودي والفلكي الهندي فاراهميرا وسواهم ممن سبقوه ...
أما إذا يممنا الأبصار شطر المستقبل، فلن تدهشنا نقاط التقاء بين البيروني وبين كارل بوبر
K. Popper (1902-1994) شيخ فلاسفة المنهج في القرن العشرين والذي خرجت من أعطافه كل خطوط فلسفة العلم الراهنة، وكانت أهم منطلقات فلسفة بوبر أن الملاحظة تالية على الفرض العلمي، أما البدء بالملاحظة فلا يفضي إلى شيء، وهذه قضية مأخوذ بها الآن. لكن كان لا بد وأن يجيب بوبر على السؤال: ما هي نقطة البدء إذن - أو ما هي المرحلة الأولى - للبحث العلمي ؟
واجتهد بوبر في تأكيد أن البداية المثمرة للبحث العلمي إنما هي بصياغة المشكلة المطروحة للبحث وتحديدها
32
وفي فاتحة كتاب «الآثار الباقية عن القرون الخالية» يقول البيروني:
سألني أحد الأدباء عن التواريخ التي تستعملها الأمم والاختلاف الواقع في الأصول التي هي مبادئها، والفروع التي هي شهورها وسنوها، والأسباب الداعية إلى أهلها إلى ذلك، وعن الأعياد المشهورة والأيام المذكورة للأوقات والأعمال، وغيرها مما يعمل عليه بعض الأمم دون بعض.
33
تلك هي المشكلة المطروحة للبحث، وبعد صياغتها بوضوح يطرح البيروني أسلوب تناولها أو منهاج بحثها عبر خطوط ثلاثة - أكدها بوبر وسواه من فلاسفة المنهج العلمي - وهي التعقيل والتجريب، ثم الحصيلة المعرفية التي تكفل تواصل الجهود والطابع الجمعي التراكمي للبحث العلمي. فبين البيروني: «أن الاستدلال بالمعقولات والقياس بما يشاهد من المحسوسات»
Unknown page