Tarikh Cilm Adab
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Genres
الإنسان الضاحك، ألف فيكتور هوكو هذه القصة سنة 1869، وجعل حوادثها تجري في إنكلترة على عهد ملكتها حنه (آن المعاصرة للويس الرابع عشر في أوائل القرن الثامن عشر للميلاد)، وموضوع القصة أن أحد مرقصي الدبب كان يتجول في جنوب إنكلترة، ومعه دب سماه هومر ومركبة يسكن فيها ويجر أثقاله عليها كما يفعل مرقصو الدبب ليومنا هذا في أوروبا، ولم يزل منهم في جنوب فرنسا، وأكثرهم عثمانيون من أهل البوسنة والهرسك يحملون الباسابورط، ويحتمون بقناصل الدولة العلية، فكان هذا الرجل يرقص دبه أمام الجمهور ويضحكهم ويسليهم، ويعتاش من إحساناتهم، وعطاياهم وكان صافي النية حسن الطوية مع كونه هزءة ومسخرة للناس، فالتقى ذات يوم بصبي مشوه الخلقة يحسبه الناظر إليه ضاحكا على الدوام، وكان هذا الصبي اختطفه سارقو الأولاد فشوهوا خلقته وتركوه وحده في البراري، فالتقى ببنت حسنة الوجه ولكنها عمياء كانت خرجت مع أمها، فنزل الثلج عليهم وماتت أمها من شدة البرد، فاصطحب الصبي بالبنت وأحبها، ثم إن ذاك الرجل التقى بهما وتبناهما وحملهما معه في مركبته، وطاف بهما البلاد وهو يسترزق من حرفته ويطعمهما، ولم يزل على ذلك إلى أن كبرا وبلغا أشدهما، فذهب بهما الرجل يوما إلى لوندرا، فتعرف أناس على الشاب وأخبروه بأنه هو ابن البارون فلانشارلي من أعيان إنكلترة ولورداتها، فاستلم هذا الإنسان الضاحك ثروة أبيه وملكه، وصار عضوا في مجلس اللوردات بعد تلك السفالة التي قضاها في سني صبوته، وصار لا يتكلم في المجلس إلا بالمحاماة عن البؤساء، والتقريع على الأعيان والكبراء الذين لا ينظرون إلى الضعفاء والمساكين، وكان ذا لهجة شديدة ولكنها غير منتظمة، فكان إذا أتم خطبته استولى الضحك على جميع الأعضاء، ولم يقرروا إجراء شيء من طلباته.
وأورد المصنف في هذه القصة كثيرا من الحكم والفلسفة من ذلك ما قاله عن الطبيعة والحياة: ... بعد كل شيء فالإنسان لا يعيش كثيرا والحياة قصيرة تمضي بسرعة، كلا! بل هي طويلة! لأن الطبيعة أظهرت - ولو بشيء قليل - عنايتها بالإنسان؛ لكيلا تفتر همتنا في غضون ذلك؛ ولكي يكون على بصرنا غشاوة، فنرضى بالبقاء ولا نغتنم الفرص المناسبة لشنق أنفسنا بما أعدته لنا من الحبال والمسامير؛ ولذا أنبتت لنا القمح وأنضجت العنب وأنطقت البلابل وهي مراثية بإنشادها أغاني السرور وإخفائها الكمد، وأرتنا في بعض الأحيان شعاعا من الفجر فهذا ما يسمونه بالسعادة، وما هي إلا طرف رقيق من الخير يحيط بكفن عريض من الشر، فهذا حظنا من الدنيا نسج الشيطان منه السداة واللحمة، ولم يطرز الرحمن فيه إلا أطرافه وحواشيه ا.ه.
قال المعري مخاطبا الدنيا:
يموج بحرك والأهواء غالبة
لراكبيه فهل للسفن إرساء
إذا تعطفت يوما كنت قاسية
وإن نظرت بعين فهي شوساء •••
فلا تغرنك شم من جبالهم
وعزة في زمان الملك تعساء
نالوا قليلا من اللذات وارتحلوا
Unknown page