153

Tafsīr Ibn Kathīr

تفسير ابن كثير

Editor

سامي بن محمد السلامة

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

1420 AH

Genres

Tafsīr
قَالُوا: وَكَلِمَاتُهَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ كَلِمَةً، وَحُرُوفُهَا مِائَةٌ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ حَرْفًا. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي أَوَّلِ كتاب التفسير: وسميت أم الكتب، أنه يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ (١) وَقِيلَ: إِنَّمَا (٢) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِرُجُوعِ مَعَانِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ (٣) إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ جَامِعِ أَمْرٍ (٤) أَوْ مُقَدَّمٍ لِأَمْرٍ -إِذَا كَانَتْ لَهُ تَوَابِعُ تَتْبَعُهُ هُوَ لَهَا إِمَامٌ جَامِعٌ -أُمًّا، فَتَقُولُ (٥) لِلْجِلْدَةِ الَّتِي تَجْمَعُ الدِّمَاغَ، أُمُّ الرَّأْسِ، وَيُسَمُّونَ لِوَاءَ الْجَيْشِ وَرَايَتَهُمُ الَّتِي يَجْتَمِعُونَ تَحْتَهَا أُمًّا، وَاسْتَشْهَدَ (٦) بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
عَلَى رَأْسِهِ أُمٌّ لَنَا نَقْتَدِي بِهَا ... جِمَاعُ أُمُورٍ لَيْسَ (٧) نَعْصِي لَهَا أَمْرَا (٨)
يَعْنِي: الرُّمْحُ. قَالَ: وَسُمِّيَتْ مَكَّةُ: أُمَّ الْقُرَى لِتَقَدُّمِهَا أَمَامَ جَمِيعِهَا وَجَمْعِهَا مَا سِوَاهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَرْضَ دُحِيَتْ مِنْهَا.
وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا: الْفَاتِحَةُ؛ لِأَنَّهَا تُفْتَتَحُ بِهَا الْقِرَاءَةُ، وَافْتَتَحَتِ الصَّحَابَةُ بِهَا كِتَابَةَ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ، وَصَحَّ تَسْمِيَتُهَا بِالسَّبْعِ الْمَثَانِي، قَالُوا: لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي الصَّلَاةِ، فَتُقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَثَانِي مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ هَذَا، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (٩) . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَهَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ لِأُمِّ الْقُرْآنِ: " هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَهِيَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ (١٠) " (١١) . ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِهِ، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ﵁، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ، وَهِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي " (١٢) . وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَارِثٍ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَوْصِلِيُّ، ثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي بِلَالٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سَبْعُ آيَاتٍ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِحْدَاهُنَّ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وهي أم الكتاب (١٣) " (١٤) .

(١) صحيح البخاري (٨/١٥٥) "فتح".
(٢) في أ: "أنها".
(٣) في أ: "إليها".
(٤) في أ: "كل أمر جامع أمرا"، وفي و: "كل جامع أمرا".
(٥) في أ: "فيقول".
(٦) في أ: "واستشهدوا".
(٧) في أ، و: "لا".
(٨) تفسير الطبري (١/١٠٧) .
(٩) في أ: "الله تعالى".
(١٠) في جـ: "العظيم الذي أوتيته".
(١١) المسند (٢/٤٤٨) .
(١٢) تفسير الطبري (١/١٠٧) .
(١٣) بعدها في أ، جـ: "وفاتحة الكتاب".
(١٤) ورواه الثعلبي في تفسيره (١/ق ١٨) من طريق محمد بن حسان عن المعافى بن عمران عن عبد الحميد به، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٢/٤٥) من طريق نوح بن أبي بلال عن المقبري به.

1 / 102