وأثناء زيارتنا لباكستان كانت بعثة الأمم المتحدة تتكون من 150 مراقبا، منهم العسكريون وضباط اللاسلكي وبعض الإداريين والسكرتيرين، وقد تم اختيارهم بعناية من جميع الدول فكان منهم البلجيكي والأسترالي والدنماركي والمصري، وكان كبير المراقبين الحربيين - عامئذ - هو الجنرال نيمو الأسترالي وكبير الإداريين هو المستر أندرسون الكندي.
أما المحطة اللاسلكية التي يعمل بها المهندس جمعة فمقرها مدينة «روالبندي» في باكستان، وهي تقوم بالاتصال بجميع بعثات الأمم المتحدة في كافة أنحاء الأرض وبالمقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، وقد أعدت شبكة داخلية من المحطات اللاسلكية على طول خط الهدنة في كشمير وذلك لتسهيل الاتصال رأسا بمقر كبير المراقبين في حالات الضرورة كوقوع حوادث فيها نقض لشروط الهدنة بين الفريقين، وإذا جاء الصيف تنتقل بعثة الأمم إلى مدينة سرينجار عاصمة كشمير لاعتدال مناخها، وللبعثة طائرة خاصة تستعمل في تنقلات موظفيها وهي ذات لون أبيض وعليها شعار الأمم المتحدة.
وقد سنحت الفرصة للمهندس محمد حسين جمعة فزار كشمير عدة مرات، وقد روى لي بعض تفاصيل عن رحلته ومشاهداته أثناء هذه الزيارات بأسلوبه الساحر فقال:
هبطت بنا الطائرة في مطار دلهي وكان ذلك في شهر يوليه، وكانت أرض المطار مغطاة بالحشائش الخضراء حتى ليصعب عليك أن تميز مدرجات المطار. وما إن فتح باب الطائرة حتى لفح وجوهنا لهيب كأنه ريح السموم، وكان أغلب المستقبلين عند باب المطار من الهنود ببشرتهم السمراء اللامعة وشعرهم الأسود، وكان الرجال منهم يلبسون نوعا من القماش الخفيف الأبيض وقد لف حول أجسامهم بطريقة خاصة وفي أرجلهم صنادل عادية. أما النساء فقد لبسن «الساري» الجميل، وهو عبارة عن قطعة واحدة من القماش الخفيف الملون تلف حول الجسم والكتف اليسرى، وهن لا يلبسن جوارب إطلاقا بل يكتفين بصنادل خفيفة مزركشة.
وتمت إجراءات الجوازات والجمرك بسرعة عجيبة، وقد أعجبت بموظفي المطار لبشاشتهم وحسن معاملتهم للضيوف الذين يقصدون بلادهم. كان العرق يتصبب مني، ورغم أن المكاتب جميعها مجهزة بالمراوح الكهربائية فإن الحرارة كانت شديدة إلى درجة غير مألوفة.
ثم توجهت فورا إلى وزارة الحربية الهندية للحصول على تصريح بدخول كشمير، فمرت بنا السيارة في منطقة الوزارات بعاصمة الهند وقد بنيت وفقا لطراز هندسي حديث، إذ يقع قصر رئيس الجمهورية في الوسط وبجواره قصر رئيس الوزراء، ومن حولهما دور جميع وزارات ومصالح الحكومة. وفي مكتب وزارة الحربية تملأ عدة استمارات خاصة وتوقع على عدد آخر حتى تحصل أخيرا على التصريح الحربي بدخول منطقة كشمير.
وللذهاب إلى كشمير طريقان: أحدهما بالقطار إلى مشارف كشمير الجنوبية أي منطقة جمو ، ومنها بالسيارة إلى قلب كشمير حيث توجد مدينة سرينجار العاصمة. أما الطريق الأسهل فهو بالطائرة طبعا، وهذا ما فعلته هربا من حرارة الطريق البري في الصيف.
وفي الصباح الباكر حلقت بنا الطائرة فوق مدينة دلهي، واتجهت صوب الشمال حتى هبطت بعد ساعتين في بلدة أمرتسار
Amritsar
بالقرب من الحدود الهندية الباكستانية، وفيها معبد السيخ الكبير ذو القباب الذهبية الذي يعد من أكبر المعابد.
Unknown page