Tabiciyyat Fi Cilm Kalam
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
Genres
وإن كان العلم بالطبع يخرج بنتائج وفعاليات تفيد، بل هي ضرورة في تحقيق ما ينبغي أن يكون من طوباويات الأيديولوجيات.
كل طوبي في عالمنا النامي أو المتخلف الفقير، كل أيديولوجيا تنويرية له، تكون طوبى ونهوض بقدر ما تلتحم بالحلم العلمي التقاني.
التقانة (التكنولوجيا) بلا جدال نتيجة العلم البحت، وترتبط به ارتباط الثمرة بجذع الشجرة، لكن اللافت حقا أن العقود الأخيرة شهدت تمايزا وشيئا من الانفصال بين نشاط البحث العلمي وبين نشاط التطوير التقاني، وبينما يظل العلم البحت فوق كل خصوصيات أيديولوجية، يمكن أن تترك هذه الخصوصيات بصماتها على أنشطة التطوير التقاني، ولا رؤية - أو رؤيا - مستقبلية دون المساهمة في الاثنين معا؛ العلم والتقانة، ومن منا لا يحلم بغد نساهم فيه بنصيبنا في البحث العلمي، لتنساب نواتجه التقانية في ربوعنا، عاملة على تحقيق أهدافنا.
وحينما يأتينا هذا الغد العلمي السعيد، مثلما أتى للصين أو الهند أو حتى للبرازيل، ونرى قلاعنا التقانية (التكنولوجية) تدور رحاها ليلا ونهارا من أجل تحقيق أهدافنا الأيديولوجية، يمكن أن يحدث العكس، وتترك خصوصياتنا بصماتها على أهداف التقانة، أو مسار تطويرها. «فالقوتان الحاكمتان للنشاط التكنولوجي اليوم هما الربح الفردي والنشاط العسكري، وكلاهما مشكوك في صلاحيته لتحديد هذا المسار.»
11
فهل يمكن في مستقبلنا المأمول أن تحكم أيديولوجيتنا التطور التقاني بناء على قيم التوحيد وعمران الأرض واستخلاف الإنسان.
يبدو أن هذا الحديث سابق لأوانه، ففي دراسة عن «هدر الإمكانية» كان هدف تحقيق «تحرير تقني» عربي بحلول عام 2000 أدنى نسبة لاحتمالات التحقيق من بين ثلاثة عشر هدفا مختلفا.
12
أليس يدعونا هذا إلى تكثيف الجهد للحاق بمسيرة الطبيعيات المعاصرة، علومها وتقاناتها على السواء، التي أصبحت ذات مردود وعائد يجعلها أهم مصادر الدخل القومي للدول الغنية المتقدمة، التي تعاني مشكلة الفائض في ميزان المدفوعات، مثل اليابان وألمانيا وكندا؟! •••
إن خدمة العلم الطبيعي للمشروع الأيديولوجي كما تتمثل في نتائجه وتطبيقاته - أي التقانة - تتمثل أيضا وقبلا في أصله ومنطلقه، هيكله وعماده - أي المنهج العلمي.
Unknown page