Tabiciyyat Fi Cilm Kalam
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
Genres
هكذا، في تلك الأقسام الأصلية للحكمة الطبيعية لم يلق ابن سينا أدنى صعوبة في توجيه التقسيم الأرسطي نحو المتجه الإلهي. إن القسم الأول يتعلق بالمحرك الأول، والثامن الأخير يتعلق بالجوهر الروحاني الإلهي، لتدور الطبيعيات في الدائرة الثيولوجية المغلقة.
أما الأقسام الفرعية للحكمة الطبيعية فلن تغير شيئا، لا من النظرة الأنطولوجية ولا من النظرة الإبستمولوجية، فهي الطب وأحكام النجوم والفراسة وعلم التعبير والاستدلال على الغيب، والطلسمات والنيرنجيات والسيمياء لتحويل المعادن إلى ذهب وفضة.
وحين ننتقل إلى الرياضيات نجد أقسامها الأصلية هي العدد والهندسة والفلك والموسيقى، لكل منها فروعه في الأقسام الفرعية للرياضيات. أما أقسام العلوم الإلهية، فإنها الإعلان الصريح والبيان الفصيح عن المتجه الإلهي للطبيعيات والدائرة الثيولوجية المغلقة.
فكما يجاهر ابن سينا، ليس العلم الإلهي إلا العلم الباحث عن أمر الوجود المطلق ولواحقه؛ لأن الله مبدأ الوجود ومبدأ المعلول على الإطلاق، وينتهي العلم الإلهي في التفصيل إلى حيث تبتدئ منه سائر العلوم، فيكون في هذا العلم (= الإلهي) مبادئ سائر العلوم الجزئية (= الطبيعيات).
30
فنجد الأقسام الأصلية للعلم الإلهي كالآتي: (1)
المعاني العامة لجميع الموجودات من الهوية والوحدة والكثرة والوفاق والخلاف والتضاد والقوة والفعل والعلة والمعلول. (2)
النظر في الأصول والمبادئ مثل علم الطبيعيين والرياضيين وعلم المنطق ومناقضة الآراء الفاسدة فيهما.
ويندهش الدارس هل هذان القسمان من الإلهيات أم من الطبيعيات؟ وهما على أية حال، يفضيان إلى القسمين الثالث والرابع اللذين يوضحان لماذا كان القسمان الأولان، ولماذا كانت الطبيعيات أصلا. القسمان التاليان هما: (3)
إثبات الحق الأول وتوحيده والدلالة على تفرده وربوبيته، وأنه واجب الوجود بذاته ... إلخ. (4)
Unknown page