Taammul Yawm Bacd Yawm
تأمل يوما بعد يوم: ٢٥ درسا للعيش بوعي كامل
Genres
وهكذا نستطيع أن نفرق في حياتنا بين ما هو عاجل وما هو مهم؛ العاجل هو الرد على رسائل بريدنا الإلكتروني، إنهاء عملنا، التسوق، تصليح صنبور الماء الذي ينقط. إذن أنا، إن لم أقم بما هو عاجل، سأعاقب سريعا بشكل من الأشكال عند ظهور بعض المشكلات. أما المهم، فهو السير في الطبيعة، مراقبة الغيوم وهي تمر، الحديث مع الأصدقاء، إعطاء نفسي الوقت لمراقبة تنفسي، عدم القيام بأي شيء، الشعور بالحياة تنبض في عروقي. فإذا لم أقم بما هو مهم، فلن يحدث لي شيء، فورا. ولكن ببطء ستصبح حياتي سطحية وحزينة، أو أنها ستفرغ بغرابة من كل معنى.
توجد معركة يومية في حياتنا بين ما هو عاجل وما هو مهم، فكيف نستطيع ألا نضحي بالمهم لصالح العاجل؟ كيف يمكننا ألا نخضع لدكتاتورية ما هو عاجل حين يحول كل نشاط ليبدو كأنه حالة عاجلة حتى لو لم يكن كذلك فعلا، أو على الأقل ليس للدرجة التي يبدو عليها؟
يمكننا ذلك بأن نعطي أنفسنا وقتا للتفكير، وأيضا للتأمل!
وحتى حين نمارس التأمل بالوعي الكامل، تواجهنا نفس المعضلة. يكفي أن أجلس، أن أغلق عيني لتبدأ الأفكار بمهاجمتي لتحدثني عن كل ما يجب فعله: «تذكر أن ترسل هذه الرسالة الإلكترونية، ولا تنس أن تهاتف ذلك الشخص. انتبه! يجب أن تسجل هذه الفكرة قبل أن تنساها بدلا من البقاء هنا وأنت تحاول ممارسة التأمل. انهض وابدأ بالقيام بكل هذه الأشياء التي تنتظر وإلا ستنساها. والأكثر من ذلك: إن تمرين هذا اليوم غير مجد، وذهنك ليس مهيأ اليوم. هيا! دع ذلك، وانهض، ستجد لحظة أخرى. يمكن للتأمل الانتظار لكن عملك لا يستطيع الانتظار ...»
سيحاول العاجل أن يأخذ مني هذه المساحة الصغيرة التي أمنحها لنفسي لأقوم بما هو مهم. وإذا لم أستطع أن أقول «لا» لكل هذا، إذا لم أستطع القيام بهذا الجهد، فسأضيع. سأعيش ما يمكن أن نسميه اللاحياة، كرجل آلي يتحرك ويفعل لكنه فارغ من الداخل. أهذا ما أريد الوصول إليه؟!
يعلمني الوعي الكامل أن أحمي كل ما هو مهم، أن أقول لنفسي بلطف: «لا، لا. لن أنهض، لن أفتح عيني، لن أوقف الجلسة، سأبقى هنا مغلق العينين، وأنا أتأمل بوعي تنفسي، وتنفس العالم من حولي. إنه أمر مهم، شديد الأهمية، مهم بشكل غير محدود. لا شيء آخر أكثر أهمية من هذه اللحظة التي أبقى فيها جالسا هنا.» علينا تعلم قول «لا» بلطف خلال جلسات التأمل، واكتشاف تجربة ال «لا» هذه وفوائدها؛ لأنها ستوسع منافع هذه الجلسات لتشمل كل مجالات حياتنا. أن نتمكن من قول «لا» سيساعدنا على التخفيف من كل ما هو عاجل، على زيادة الوضوح في أذهاننا أمام تلك الإنذارات المزيفة مثل: «قم بذلك ... هيا بسرعة ... فورا.»
وكل نصر صغير في هذا الصراع سيجعلنا أكثر وعيا وأكثر سعادة. إن فهم هذه المسألة يدعونا للابتسام، ويساعدنا على أن نعطي مساحة أكثر فأكثر إلى كل ما هو مهم. تذكروا ما قاله ثورو الذي غادر كي يعيش سنة في غابات وولدن: «عندما يستطيع المرء أن يحصل على الجوهري، سيجد بديلا عن البحث المستمر عن كل ما هو فائض، وهو أن يغامر في حياة اللحظة الحاضرة.» «الدرس الحادي عشر»
علينا أن نحمي ذهننا بلا كلل من تعديات ومتطلبات الحياة الحديثة. يعني ذلك، من بين ما يجب فعله، أن نطرد باستمرار كل تلك العادات التلقائية بتشغيل الراديو، أو التلفزيون، أو الكومبيوتر. وعلينا الحفاظ بإصرار على فترات زمنية من الاستمرارية (بأن نمنع قطعها بالرسائل الإلكترونية أو الاتصالات الهاتفية). ويجب أن نعتبر أن الهدوء والصمت هما غذاءا روحنا، نحن هذه الكائنات المدنية النشطة، وأن حرماننا منها لفترة طويلة سيؤدي بنا إلى المرض.
الفصل الثاني عشر
أن نكون حاضرين أثناء الفعل
Unknown page