al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

Ibn Sina d. 428 AH
188

al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

الالاهيات من كتاب الشفاء

Genres

تستحق الوجود، بل هي في أنفسها وقطع أضافتها إلى واجب الوجود تستحق العدم؛ فلذلك كلها في أنفسها باطلة، وبه حقه، وبالقياس إلى الوجه الذي يليه حاصلة، فلذلك كل شيء هالك إلا وجهه، فهو أحق بأن يكون حقا. وواجب الوجود عقل محض؛ لأنه ذات مفارقة للمادة من كل وجه، وقد عرفت أن السبب في أن لا يعقل الشيء هو المادة وعلائقها لا وجوده. وأما الوجود الصوري فهو الوجود العقلي وهو الوجود الذي إذا تقرر في شيء صار للشيء به عقل، والذي يحتمل نيله هو عقل بالقوة، والذي ناله بعد القوة هو عقل بالفعل على سبيل الاستكمال ، والذي هو له ذاته هو عقل بذاته. وكذلك هو معقول محض؛ لأن المانع للشيء أن يكون معقولا هو أن يكون في المادة وعلائقها، وهو المانع عن أن يكون عقلا. وقد تبين لك هذا فالبريء عن المادة والعلائق، المتحقق بالوجود المفارق، هو معقول لذاته، ولأنه عقل بذاته وهو أيضا معقول بذاته فهو معقول ذاته، فذاته عقل وعاقل ومعقول، لا أن هناك أشياء متكثرة. وذلك لأنه بما هو هوية مجردة عقل، وبما يعتبر له أن هويته المجردة لذاته فهو معقول لذاته، وبما يعتبر له أن ذاته له هوية مجردة فهو عاقل ذاته؛ فإن المعقول هو الذي ماهيته المجردة لشيء، والعاقل هو الذي له ماهية مجردة لشيء، وليس من شرط هذا الشيء أن يكون هو أو آخر، بل شيء مطلقا، والشيء مطلقا أعم من هو أو غيره. فالأول باعتبار أن له ماهية مجردة لشيء، هو عاقل، وباعتبار أن ماهيته المجردة لشيء، هو معقول، وهذا الشيء هو ذاته، فهو عاقل بأن له الماهية المجردة التي لشيء هو ذاته، ومعقول بأن ماهيته المجردة هي لشيء هو ذاته. وكل من تفكر قليلا علم أن العاقل يقتضي شيئا معقولا، وهذا الاقتضاء لا يتضمن أن ذلك الشيء آخر أو هو، بل المتحرك إذا اقتضى شيئا محركا لم يكن نفس هذا الاقتضاء يوجب أن يكون شيئا آخر أو هو، بل نوع آخر من البحث يوجب ذلك؛ وتبين أنه من المحال أن يكون ما يتحرك هو ما يحرك؛ ولذلك لم يمتنع أن يتصور فريق لهم عدد أن في الأشياء شيئا متحركا عن ذاته، إلى وقت أن قام البرهان على امتناعه، ولم يكن نفس تصور المحرك والمتحرك يوجب ذلك، إذ كان المتحرك يوجب أن يكون له شيء محرك مطلقا بلا شرط أنه آخر أو هو، والمحرك يوجب أن يكون له شيء متحرك عنه بلا شرط أنه آخر أو هو. وكذلك المضافات تعرف إثنينيتها لأمر، لا لنفس النسبة والإضافة المفروضة في الذهن؛ فإنا نعلم علما

Page 187