al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

Ibn Sina d. 428 AH
170

al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

الالاهيات من كتاب الشفاء

Genres

العلة الأولى. على أن قول القائل: أن ههنا طرفين ووسائط بغير نهاية قول يقوله باللسان، دون الاعتقاد، وذلك لأنه إذا كان له طرف فهو متناه في نفسه، فإن كان المحصى لا ينتهى إلى طرفه، فإن ذلك معنى في المحصى لا معنى في الشيء نفسه، وكون الأمر في نفسه متناهيا، هو أن يكون له طرف، وكل ما بين الطرفين فهو ممدود ضرورة بهما. فقد تبين من جميع هذه الأقاويل أن ههنا علة أولى، فإنه وإن كان ما بين الطرفين غير متناه، ووجد الطرف، فذلك الطرف أول لما لا يتناهى، وهو علة غير معلول. وهذا البيان يصلح أن يجعل بيانا لتناهى جميع طبقات أصناف العلل، وإن كان استعمالنا له في العلل الفاعلية، بل قد علمت أن كل ذي ترتيب في الطبع، فانه متناه وذلك في الطبيعيات، وإن كان كالدخيل فيها فلنقبل على بيان تناهى العلل التي تكون أجزاء من وجود الشيء ومتقدمة في الزمان، وهي العلل التي تختص باسم العنصرية، وهي ما يكون عنه الشيء، بأن يكون هو جزءا" ذاتيا للشيء. وبالجملة اعتبر بقولنا شيء من شيء أن يكون قد دخل في وجود الثاني أمر كان للشيء الأول، إما الجوهر والذات الذي للشيء الأول، مثل الإنسان في الصبى، إذا قيل: إنه كان منه رجل، أو جزء من الجوهر والذات الذي للشيء الأول، ملل الهيولى في الماء، إذا قيل: إنه كان من هواء؛ ولا تعتبر المفهوم من قول القائل: كان كذا من كذا، إذا كان بعده، ولم تدل لفظ " من " على شيء من ذات الأول، بل على البعدية فقط. فنقول: إن كون الشيء من الشيء، لا بمعنى بعد الشيء، بل بمعنى أن في الثاني أمرا" من الأول داخلا في جوهره، يقال على وجهين: أحدهما بمعنى أن يكون الأول إنما هو ما هو بأنه بالطبع يتحرك إلى الاستكمال بالثاني، كالصبي إنما هو صبي لأنه في طريق السلوك إلى الرجلية مثلا، فإذا صار رجلا لم يفسد، ولكنه استكمل، لأنه لم يزل عنه أمر جوهري، ولا أيضا أمر عرضي، إلا ما يتعلق بالنقص، وبكونه بالقوة بعد، إذا قيس إلى الكمال الأخير. والثاني أن يكون الأول ليس في طباعه أن يتحرك إلى الثاني، وإن كان يلزمه الإستعداد لقبول صورته، لا من جهة ماهيته،ولكن من جهة حامل ماهيته. وإذا كان منه الثاني، لم يكن من جوهره الذي بالفعل إلا بمعنى بعد، ولكن كان من جزء جوهره، وهو الجزء الثاني الذي يقارن القوة، مثل الماء إنما يصير

Page 169