Sharh Fath Qadir
شرح فتح القدير
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الثانية
Publisher Location
بيروت
قلنا ليس فيه تصريح بتنجس الماء بتقدير كون اليد نجسة بل ذلك تعليل منا للنهى المذكور وهو غير لازم أعنى تعليله بتنجس الماء عينا بتقدير نجاستها لجواز كونه الأعم من النجاسة والكراهة فنقول نهى لتنجس الماء بتقدير كونها متنجسة بما يغير أو الكراهة بتقدير كونها بما لا يغير وأين هو من ذلك الصريح الصحيح لكن يمكن إثبات المعارض بقوله صلى الله عليه وسلم طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه الحديث فإنه يقتضى نجاسة الماء ولا تغير بالولوغ فتعين ذلك الحمل والله سبحانه وتعالى أعلم قوله إذا لم ير لها أثر وهو الطعم وأخواه فلو بال إنسان فيه وتوضأ آخر من أسفله جاز ما لم يظهر في الجرية أثره
وعن محمد لو كسرت خابية خمر في الفرات ورجل يتوضأ أسفل منه فما لم يجد في الماء طعم الخمر أو لونه أو ريحه جاز هذا فلو استقرت المرئية فيه بأن كانت جيفة مثلا إن أخذت الجرية أو نصفها لا يجوز من أسفلها وإن لم ير أثر وإن كان أكثر الجرية في مكان طاهر جاز وهذا يحتاج إلى مخصص لحديث الماء طهور بعد حمله على الجارى فمقتضاه أن يجوز التوضى من أسفله وأن أخذت الجيفة أكثر الماء ولم يتغير ويوافقه ما عن أبى يوسف في ساقية صغيرة فيها كلب ميت سد عرضها فيجرى الماء فوقه وتحته أنه لا بأس به نقله في الينابيع عنه
والعذرات في السطح كالميتة في الماء إن كان يجرى عليها نصفه أو كانت على رأس الميزات فهو نجس وإن كانت متفرقة وأكثره يجرى على الطاهر فهو طاهر وكذا ماء المطر إذا جرى على عذرات واستنقع في موضع فالجواب كذلك
وأما المتوضى في عين والماء يخرج منها فإن كان في موضع خروجه جاز وإن كان في غيره فكذلك إن كان قدره أربعا في أربع فأقل فإن كان خمسا في خمس اختلف فيه
واختار السعدى جوازه والخلاف مبنى على أنه هل يخرج المستعمل قبل تكرير الاستعمال إذا كان بهذه المساحة أولا وهذه مبنية على نجاسة المستعمل قوله والجارى الخ وقيل فيه ما يعده الناس جاريا قيل هو الأصح وألحقوا بالجارى حوض الحمام إذا كان الماء ينزل من أعلاه حتى لو أدخلت القصعة النجسة واليد النجسة فيه لا ينجس وهل يشترط مع ذلك تدارك اغتراف الناس منه فيه خلاف ذكره في المنية ثم لا بد من كون جريانه لمدد له كما في العين والنهر وهو المختار ما قيل لو استنجى بقمقمة فلما صب منها لاقى المصبوب البول قبل يده فهو طاهر لأنه ماء جار قال المصنف في التجنيس فيه نظر لأنه يقتضى أنه إذا استنجى لا يصير نجسا وليس بشيء
قال ونظيره ما أورده المشايخ في الكتب أن المسافر إذا كان معه ميزاب واسع وإداوة ماء يحتاج إليه ولا يتيقن وجود الماء لكنه على طعمه قيل ينبغى أن يأمر أحدا من رفقائه حتى يصب الماء في طرف الميزاب وهو يتوضأ وعند الطرف الآخر إناء طاهر يجتمع فيه الماء فإنه يكون الماء طاهرا وطهورا لأنه جار قال بعضهم هذا ليس بشيء لأن الجارى إنما لا يصير مستعملا إذا كان له مدد كالعين والنهر وما أشبه ومما أشبهه حوضان صغيران يخرج الماء من أحدهما ويدخل في الآخر فتوضأ في خلال ذلك جاز لأنه جار وكذا إذا قطع الجارى من فوق وقد بقى جرى الماء كان جائزا أن يتوضأ بما يجرى من النهر
وذكر في فتاوى قاضيخان في المسئلة الأولى وقال الماء الذي اجتمع في الحفيرة الثانية فاسد وهذا مطلقا إنما هو بناء على كون المستعمل نجسا وكذا كثير من أشباه هذا فأما على المختار من رواية أنه طاهر غير طهور فلا فلتحفظ ليفرع عليها ولا يفتى بمثل هذه الفروع
وقولهم في الحفيرة الثانية إن المجتمع فيها نجس بعد إلحاق محل الوضوء الجارى فيه نظر بل الوجه أنه طاهر يتوضأ به كما يتوضأ الأسفل من جرية المتوضى الأعلى ومثله يجب فيما قطع أعلاه وتوضأ إنسان بالجارى في النهر قبل استقراره قوله والغدير العظيم تقدم في الخلافية ما يغنى في الكلام هنا
Page 79