Sharh Fath Qadir
شرح فتح القدير
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الثانية
Publisher Location
بيروت
بقى شيء وهو أن ثبوت الفعل كذلك لا يستلزم نفى جواز الأقل فلا بد فيه من ضم الملازمة القائلة لو جاز الأقل لفعله مرة تعليما للجواز وتسلم وقد تمنع بأن الجواز إذا كان مستفادا من غير الفعل لم يحتج إليه فيه وهنا كذلك نظرا إلى الآية فإن الباء فيها للتبعيض وذلك لا يفيد نفى جواز الأقل فيرجع البحث إلى دلالة الآية ونقول فيه أن الباء للإلصاق وهو المعنى المجمع عليه لها بخلاف التبعيض فإن المحققين من أئمة العربية ينفون كونه معنى مستقلا للباء بخلاف ما إذا جاء في ضمن الإلصاق كما فيما نحن فيه فإن إلصاق الآلة بالرأس الذي هو المطلوب لا يستوعب الرأس فإذا ألصق فلم يستوعب خرج عن العهدة بذلك البعض لا لأنه هو المفاد بالباء وتمام تحقيقه فيما كتبناه على البديع في الأصول وحينئذ يتعين الربع لأن اليد إنما تستوعب قدرة غالبا فلزم وأما رواية جواز قدر الثلاث الأصابع وإن صححها بعض المشايخ نظرا إلى أن الواجب إلصاق اليد والأصابع أصلها ولهذا يلزم كمال دية اليد بقطعها والثلاث أكثرها وللأكثر حكم الكل وهو المذكور في الأصل فيحمل على أنه قول محمد رحمه الله لما ذكر الكرخى والطحاوى عن أصحابنا أنه مقدار الناصية ورواه الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله ويفيد أنها غير المنصور رواية قول المصنف وفي بعض الروايات قدره ودراية أن المقدمة الأخيرة في حيز المنع لأن هذا من قبيل المقدر الشرعي بواسطة تعدى الفعل إلى تمام اليد فإن به يتقدر قدرها من الرأس وفيه يعتبر عين قدره وقولنا عين قدره لأنه لو أصاب المطر قدر الفرض سقط ولا تشترط إصابته باليد لأن الآلة لم تقصد إلا للإيصال إلى المحل فحيث وصل استغنى عن استعمالها ولو مسح ببلل في يده لم يأخذه من عضو آخر جاز لا إن أخذه ولو بأصبع واحدة مدها قدر الفرض جاز عند زفر وعندنا لا يجوز وعللوا بأن البلة صارت مستعملة وهو مشكل بأن الماء لا يصير مستعملا قبل الانفصال وما قيل الأصل ثبوت الاستعمال بنفس الملاقاة لكنه سقط في المغسول للحرج اللازم بإلزام إصابة كل جزء بإسالة غير المسال على الجزء الآخر ولا حرج في المسح لأنه يحصل بمجرد الإصابة فبقى فيه على الأصل دفع بأنه مناقض لما علل به لأبي يوسف رحمه الله في مسئلة إدخال الرأس الإناء فإن الماء طهور عنده فقالوا المسح حصل بالإصابة والماء إنما يأخذ حكم الاستعمال بعد الانفصال والمصاب به لم يزايل العضو حتى عدل بعض المتأخرين إلى التعليل بلزوم انفصال بلة الأصبع بواسطة المد فيصير مستعملا لذلك بخلاف المصاب في إدخال الرأس الإناء وهذا كله يستلزم أن مد أصبعين لا يجوز وقد صرحوا به وكذا يستلزم عدم جواز مد الثلاث على القول بأنه لا يجزىء أقل من الربع وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لأنه إن أخذ الاستعمال بالملاقاة أو انتقلت البلة لزم ذلك لكنى لم أر في مد الثلاث إلا الجواز واختيار شمس الأئمة أن المنع في مد الأصبع والاثنتين غير معلل باستعمال البلة بدليل أنه لو مسح بأصبعين في التيمم لا يجوز مع عدم شيء يصير مستعملا خصوصا إذا تيمم على الحجر الصلد بل الوجه عنده أنا مأمورون بالمسح باليد والأصبعان منها لا تسمى يدا بخلاف الثلاث لأنها أكثر ما هو الأصل فيها وهو حسن لكنه يقتضى تعيين الإصابة باليد وهو منتف بمسئلة المطر
Page 19