Shacir Andalusi
شاعر أندلسي وجائزة عالمية
Genres
ومضينا ننظر إلى الشمس بكل ما اتفق لنا: منظار المسرح، ومجهر الرصد، وزجاج القوارير، وزجاج مغشي بالدخان، وندير النظر من كل زاوية وإلى كل وجهة، تارة من جانب المخدع، وتارة من جانب السلم، خلال ألواح الفضاء بين حمراء وزرقاء.
وعندما احتجبت الشمس - وهي التي كانت منذ لحظة تضاعف كل شيء حسنا وبهاء، مثنى وثلاث، بل مائة مرة بما تفيض عليه من نور وذهب - حالت الأشياء دون أن تعبر بتلك النقلة الطويلة من ألوان الشفق، فاستكانت إلى العزلة والفاقة، كأنما تبدل الذهب فضة، ثم تبدلت الفضة نحاسا بين نظرة وأخرى، وصارت البلدة كلها كأنها فلس من النحاس الممسوح. فيالله ما أعتم وما أبخس ما تبدو الطرقات والرحاب ومسالك البرج والجبل!
وبلاتيرو هناك في رحبة الدار كأنه كائن مريب، يتضاءل ويختفي ويلوح كأنه حمار غير ذلك الحمار!
الخوف
يصاحبنا القمر مستديرا صافيا، ونلمح على المروج الناعسة أشكالا من الظلال كأنها المعيز بين شجيرات التوت، ونمر فإذا بشيء هنا وهناك كأنه يتردى في سكوت، وعلى الطريق شجرة ملتفة من أشجار اللوز يعلوها من نوارها الأبيض إكليل كأنه نسيج من الثلج الناصع وأشعة القمر الساطع، تحت سماء الربيع المرصعة بالنجوم، وتنتشر في الجو رائحة نفاذة من عطر البرتقال، ومعها البرد والسكون، ومسارح الجنة والأطياف.
إنه البرد يا بلاتيرو!
ولا أدري أكان يحفزه خوفي أو خوفه، فيركض فيجنح إلى مجرى الماء، ويطأ على بساط القمراء فيمزقه، ويبدو كأنه فوج من الرياحين البلورية المتوردة تشتبك بقدميه لتعوق خطاه.
ويعدو بلاتيرو صعدا وقد لم عقبه كأنه يخشى من خلفه أحدا يلاحقه، وعلى البعد ذلك الدفء الناعم في القرية المقتربة، يحسه ويخيل إليه أنه يبتعد منه فلا سبيل إليه.
روضة الأطفال
لو أنك - يا بلاتيرو - ذهبت إلى الروضة مع أولئك الأطفال لتعلمت «أبجد هوز»، وعرفت كيف تكتب، ووعيت ما لا يعيه حمار الشمع صديق عروس البحر الذي تزينه ضفائر الأزهار، خلال البلور الذي تأوي إليه عروس البحر في لحيتها الخضراء، لعلمت إذن يا بلاتيرو ما ليس يعلمه في القرية القس والطبيب!
Unknown page