97

Sayyid Rais

السيد الرئيس

Genres

وصاح رجل مسن وهو يرتكز بمرفقيه على منضدة، وعيناه تطوفان هنا وهناك، وقدماه تتحركان في قلق، وشبكة من العروق نافرة في جبهته المتوهجة: «هذه هي الحياة حقا!»

وزاد حماسه فسأل واحدا من ندمائه: هل أستطيع الذهاب مع تلك المرأة هناك؟ - لم لا أيها الشيخ، إنهن هنا لهذا الغرض. - وتلك الأخرى التي هناك، إنني أفضلها. - حسنا، بإمكانك الذهاب معها أيضا.

وكانت ثمة فتاة سمراء تعبر الحجرة عارية القدمين على نحو مثير. - وتلك التي تسير هناك؟ - أي واحدة؟ الخلاسية السمراء؟ - ما اسمها؟ - «أدلايدا»؛ إنهم يلقبونها بالخنزيرة. ولكني لم أكن لأذهب معها، لأنها فتاة الميجور «فارفان». أظن أنه يحتكرها.

ولاحظ الشيخ في صوت خفيض: الخنزيرة! انظر كيف تلاطفه!

كانت الفتاة تستغل كل فنون احتيالها كيما يفقد الميجور عقله؛ فهي تحدق إليه عن قرب بعينيها الساحرتين، اللتين زادهما التكحل جمالا، واستنفدت قواه بشفتيها الممتلئتين ولسانها، كأنما هي تلصق طوابع بريد، وبثقل ثدييها الدافئن وبطنها الرخو.

وهمست «الخنزيرة» في أذن الميجور فارفان: «اخلع عنك هذا العبء.» ثم خلعت عنه السيف دون انتظار جوابه، وأعطته للبارمان.

ومر قطار من الصيحات بأقصى سرعة عبر الحجرة من خلال أنفاق كل آذان الحاضرين فيها، وواصل سيره مسرعا ...

كان الأحباب يرقصون اثنين اثنين على وقع الموسيقى وخارج وقعها، بحركات حيوانات ذات رأسين. وكان ثمة رجل قد صبغ وجهه كالنساء يعزف على البيانو. كان فمه والبيانو على السواء ينقصهما بعض الأسنان. وكان يرد على من يسأله لماذا يصبغ وجهه: «لأنني لعوب، لعوب بصورة فظيعة، وفي غاية الرقة.» ويضيف كي يترك أثرا أفضل لدى سامعيه: «إن أصدقائي ينادونني «بيب» أما الفتيان فيسمونني «البنفسجة». وأنا أرتدي قميصا رياضيا مقور الصدر، رغم أنني لا ألعب التنس، كيما أظهر صدري الناعم، وأضع «مونوكلا» لزوم الأناقة، وسترة من الفراك لأنني شارد الذهن. وأستخدم الأصباغ وأحمر الشفاه (آه، ما أشد شرور الناس الذين يسيئون الظن) كيما أخفي بثور الجدري من على وجهي، فهي هناك وستبقى هناك كقصاصات الكرنفال الورقية. أوه، حسنا، لا أهمية لذلك، لأنني قد تعودت عليه!»

ومر بالحجرة قطار من الصيحات بأقصى سرعة. وتحت عجلاته القاطعة، بين الكباس والتروس، رقدت امرأة مخمورة تتلوى ألما، ووجهها بلون نخالة الخبز. كانت تضغط بيديها على حقويها في حين سالت دموعها فأزالت الأصباغ من على وجنتيها وشفتيها: آه يا مبايضي! آه يا مبايضي! آه يا مبااااايضي! آه ... مبايضي! آه ... مبايضي، آه!

وهرع كل شخص، عدا أولئك المخمورين إلى درجة لا تمكنهم من الحركة إلى الانضمام للمجموعة التي تحلقت لترى ما يحدث. وفي الفوضى التي ضربت أطنابها في المكان، حاول الرجال المتزوجون أن يروا ما إذا كان أحد قد هاجم المرأة، حتى يكون بإمكانهم الهرب قبل أن تأتي الشرطة، في حين لم ينظر الآخرون إلى الأمر بهذه الخطورة وجروا هنا وهناك حتى يحتكوا بالفتيات وسط الهرج والمرج.

Unknown page