قال الجليس وهو يخفض صوته ويتطاول بعنقه كأنه يحاذر أن يسمعه أحد: «يرى أبو الحسن يا مولاي أن العقدة التي يطلب حلها إنما هي يوسف صلاح الدين هذا. فإذا ذهب تخلصنا من كل هذه الشرور ... وأبو الحسن يسعى في إنقاذنا منه.»
فقال العاضد: «وكيف ينقذنا؟»
فأشار الجليس بكفه على عنقه إشارة الذبح؛ يعني أنه يقتله. فبان الاستغراب في وجه الخليفة وقال: «من يقتله ؟ ليس في مصر كلها من يجسر أن يمد يده إليه.»
قال: «ليست هذه خطته. إنه سيقتل هذا الرجل بدون أن يعرف القاتل.»
قال: «وكيف يمكن ذلك؟»
قال: «ألا يعرف مولاي جماعة الباطنية أو الإسماعيلية؟!»
فأجفل العاضد عند سماع ذلك الاسم وقال: «نعم أسمع بهم، وأسمع أنهم من أنصارنا.»
قال: «أصلهم من شيعتنا ولكنهم الآن قوم شغلهم القتل.»
فقطع الخليفة كلامه وقال: «ليس هذا شأنهم اليوم فقط. أظنك حدثتني عن أفعالهم غير مرة. ألم تقل لي إنهم قتلوا الملك الأفضل أمير الجيوش وزير الآمر بأحكام الله. وكان رئيسهم يومئذ يدعى بهرام. وهم قتلوا نظام الملك وزير ملك شاه السلجوقي وقتلوا غيره؟»
قال: «نعم يا سيدي، لقد قتلوا كثيرين. هذا هو شغلهم.»
Unknown page