109

كان رداؤه الرسمي غير مرتب عند الكتف الأيسر، فراح يعدل من وضع الرداء، وقال: لقد سمعنا جميعا ما قاله «إيزولو»، وكم كانت كلماته طيبة، وأود أن أتقدم له بالشكر لاستدعائنا وتبادل الحديث معنا .. هل أخاطب عقل «أوموارو»؟

أجاب الرجال: استمر.

فاستطرد «واكا»: عندما يستدعي الأب أبناءه فإنه لا يقلق بشأن تقديم النبيذ لهم، ومن الأجدر أن يأتوا هم بالنبيذ له. مرة أخرى أتقدم بالشكر إلى كاهن «أولو»، الذي رأى ضرورة استدعائنا وإخبارنا بتلك الأشياء التي تنم عن تقديره العظيم لنا، وهكذا نقدم له امتناننا ، لكن شيئا واحدا يظل غامضا بالنسبة لي قد يكون واضحا لدى الآخرين، وإذا كان كذلك فليبادر أحد بتفسيره لي .. لقد أخبرنا «إيزولو» أن الحاكم الأبيض أرسل في طلبه، وعليه أن يذهب ل «أوكبيري» والآن لست أدري الخطأ من الصواب .. ما الخطأ أن يسأل الرجل صديقا لزيارته؟ ألا نرسل نحن لأصدقائنا في القبائل الأخرى عندما نحتفل بالعيد لمشاركتنا؟ ألا يرسلون هم أيضا في طلبنا لمشاركتهم احتفالاتهم.

إن الرجل الأبيض يعد صديقا ل «إيزولو» وقد أرسل في طلبه، فأين وجه الغرابة في ذلك؟ إنه لم يرسل في طلبي أو طلب «أودوزو»، ولم يرسل في طلب كاهن «إيديميلي» أو «إيرو» ولا كاهن «أودو» أو «أجوجو» لرؤيته، ولكنه أرسل فقط ل «إيزولو»، لماذا؟ لأنهم أصدقاء، وهل كان «إيزولو» يعتقد بأن صداقتهما ستكون عائقا لزيارة بعضهما بعضا؟ أم أنه يريد صداقة الرجل الأبيض بكلمة من الفم فقط؟ ألم يخبرنا أسلافنا بأننا ما إن نمد أيادينا للأبرص حتى يسارع بطلب العناق؟ .. لقد مد «إيزولو» يده للرجل ذي الجسد الأبيض.

همس البعض همسات خفيضة تنم عن الاستحسان، وضحك آخرون وأردف «واكا»: إن الجذام دائما يدعى باسمه المهذب (جسد أبيض)، مثله مثل كل الأشياء ذات الشأن التي ينفر منها الناس ويفزعون.

اختلط التصفيق والضحك بالتحية، وانتظر «واكا» حتى انتهوا من ضحكاتهم، ثم استطرد: فلتضحكوا كما تشاءون، أما أنا فلا أستطيع.

كان «إيزولو» جالسا بنفس الطريقة التي جلس بها فور انتهائه من الكلام.

قال «واكا»: أريد القول إن الرجل الذي يأتي بحزمة من الحطب داخل هذا الكوخ لا بد أن يتوقع زيارة السحالي، وإذا قال لنا «إيزولو» الآن بأنه سئم صداقة الرجل الأبيض فسوف نقول له إنه هو الذي ربط العقدة ويجب عليه أن يفكها، كما أنه هو أيضا الذي ألقى بالخراء وعليه أن يحمله بعيدا، ومن حسن الطالع أن التخلي عن جاذبية الشر التي جاءت إلينا ليس بالأمر الصعب، لقد عرفت وسمعت أنه مما يخالف عادات كاهن «أولو» أن يسافر أحد بعيدا عن كوخه، ولكن هل هذه هي المرة الأولى التي يرغب فيها «إيزولو» الذهاب إلى «أوكبيري»، وإذن من الذي شهد مع الرجل الأبيض في تلك السنة التي حاربنا فيها من أجل أرضنا وخسرنا؟

توقف «واكا» إلى حين انتهاء التذمر الذي ساد، ثم أضاف قائلا: لقد انتهيت، أحييكم.

تبادل آخرون الحديث واحدا تلو الآخر، لكن أحدا لم يتحدث بقسوة مثلما فعل «واكا»، وحدث أن اعترض اثنان على طريقة تفكيره، وربما اعترض آخرون لكنهم لم يعبروا عن اعتراضاتهم، بينما قال عدد كبير بأنه من التهور والطيش تجاهل نداء الرجل الأبيض، فهل نسوا ما حدث للقبيلة التي تشاجرت معه؟

Unknown page