كانت آفريل تعتقد أنها تعرف بقية القصة. كيف لها ألا تعرف بقيتها؟ كانت هذه قصتها. كانت تعرف أن بعد فراغ المرأة من إنشاد الترنيمة، أخذ الربان بيديها بعيدا عن سياج السفينة. ورفع يديها إلى فمه وقبلهما. قبل ظهر يديها، ثم راحتهما؛ يديها اللتين كانت قد أدتا الصلاة توا على المتوفاة.
في بعض نسخ القصة، كان هذا هو كل ما فعله، كان هذا كافيا. في نسخ أخرى، لم يكتف بذلك. وهكذا الأمر بالنسبة لها. ذهبت معه إلى الداخل، عبر الممر إلى الكابينة المضاءة، وهناك ضاجعها على الفراش نفسه الذي وفق روايته كانا قد أزالا ملاءاته ونظفاه، ملقين من كانت ترقد فيه وإحدى ملاءاته إلى قاع المحيط. استلقيا على هذا الفراش لأنهما لم يستطيعا الانتظار حتى يذهبا إلى الفراش الآخر تحت النافذة، اندفعا بقوة في عملية المضاجعة التي استمرت حتى الفجر والتي كانت ستكفيهما حتى ما تبقى من حياتيهما.
في بعض الأحيان، كانا يطفئان الأنوار، في بعض الأحيان لم يكونا يعبئان بذلك.
تلا الربان القصة كما لو كانت الأم والابنة أختين، وكما لو كان قد انتقل بالسفينة إلى جنوب الأطلنطي، وكما لو كان قد ترك النهاية مفتوحة - فضلا عن إضافة تفاصيل من عنده - لكن آفريل كانت تعتقد أن القصة التي رواها هي قصتها. كانت القصة التي كانت تحكيها لنفسها ليلة وراء ليلة على سطح السفينة، قصتها شديدة السرية، ها هي تروى لها مجددا. كانت هي من ألفتها، وأخذها هو عنها، ورواها، بطريقة آمنة.
إن اعتقادها بأن هذا يمكن أن يحدث جعلها تشعر بالخفة والتميز والتوهج، مثل سمكة مضيئة في الماء. •••
لم تمت باجز في تلك الليلة. ماتت بعد أسبوعين، في المستشفى الملكي في أدنبرة . كانت قد نجحت في بلوغ هذه المسافة، على متن القطار.
لم تكن آفريل بصحبتها عندما ماتت. كانت على مسافة مربعين سكنيين منها، تأكل بطاطس مشوية في أحد مطاعم الوجبات السريعة.
كانت إحدى الملاحظات المفهومة الأخيرة التي قالتها باجز عن المستشفى الملكي هي تلك التي قالت فيها: «ألا تبدو مثل «العالم القديم»؟»
كانت آفريل - التي خرجت لتتناول طعامها بعد أن مكثت في غرفة المستشفى طوال اليوم - قد اندهشت لتجد أن الشمس لم تغب بعد، وأن كثيرا من الأشخاص الممتلئين بالحيوية الأنيقين كانوا في الشوارع، يتحدثون الفرنسية والألمانية، وربما لغات أخرى كثيرة لم تستطع التعرف عليها. في كل عام في هذا الوقت، كانت مدينة الربان تقيم مهرجانا. •••
أحضرت آفريل جثمان باجز إلى ديارهما في تورونتو في طائرة، وأقامت لها جنازة عزفت بها موسيقى فخمة. وجدت نفسها تجلس إلى كندي آخر كان عائدا من اسكتلندا، شاب كان قد شارك في مسابقة جولف شهيرة للهواة ولم يبل بلاء حسنا مثلما كان يتوقع. جعل الفشل وفقدان العزيز كلاهما يعطفان أحدهما على الآخر، واندهش كلاهما ببساطة شديدة من جهل الآخر بعالم الرياضة وعالم الموسيقى. وحيث إن الرجل كان يعيش في تورونتو، كان من السهل عليه أن يشارك في الجنازة.
Unknown page