على ناصيته. كان الهواء باردا لاسعا كالعهد بشهر
فبراير . مشيت بجوار سور طويل من الآجر الأحمر تبدو منه حديقة مهجورة. وكان بالسور باب حديدي صغير عليه لافتة تحذر من الكلاب، وبجواره واجهة زجاجية عريضة كواجهات الحوانيت لا يبين شيء من ورائها بسبب مصاريع خشبية مثبتة من الداخل، وفوق الحانوت الغريب كانت هناك لافتة بالخط الكوفي تتألف من هذه الكلمات: كان يا ما كان. ولم يحدث أن رأيت ما بداخل الحانوت من قبل؛ ففي المرات التي مررت فيها من هنا كنت أجد المصاريع الخشبية مغلقة، وأنسى دائما أن أستفسر من
رمزي . بلغت المنزل الذي يسكن طابقه الثالث، وكان البواب مضطجعا كعادته أمام المدخل في مقعد من القش وقد بدت ذقنه البيضاء المشذبة أنيقة، وأمسك بالقرآن. صعدت السلم وكان المفتاح معي ففتحت ودخلت. خلعت سترتي وطفت بأرجاء الشقة، عثرت على نصف زجاجة براندي فصببت منها في كوب زجاجي ، وجلست في الصالة أدخن أمام التليفون، ودق جرس الباب فأسرعت أفتح لعفاف. كانت تلهث وقالت إنها صعدت السلم جريا، وإن البواب رماها بنظرة نكراء. أخذتها من يدها إلى الصالة وأجلستها على أريكة وجلست أمامها. قالت إنها وجدت صعوبة في العثور على المنزل، وإن وصفي له لم يكن دقيقا. انتقلت إلى جوارها واحتضنتها وقبلتها في فمها، ولم تكن تعرف كيف ترد القبلة. وتمددنا على الأريكة، وبعد لحظة قامت وخلعت ملابسها، وقالت إن الدنيا برد، فأحضرت غطاء من حجرة النوم. خلعت ملابسي ورقدت إلى جوارها، وعندما حاولت أن ألمس صدرها رفضت، لكنها تركتني أعبث بكل مكان آخر في جسمها، وقالت إنها طوع أمري لو شئت أن أجعل منها امرأة. وكنت مشدودا لكني لم أتمكن منها. كانت رائحتها نفاذة فحولت أنفي بعيدا. أجلستها أمامي وحاولت مرة أخرى لكني لم أكن قويا بما فيه الكفاية، وحاولت من جديد أن أنتهي بأي شكل ففشلت أيضا. وتمددت بجوارها متعبا. قالت إنها لا بد أن تذهب حتى لا يقلق والدها. وقامت إلى الحمام فغسلت وجهها وسوت شعرها. وذهبت أنا إلى حجرة النوم ووقفت أمام المرآة أتأمل نفسي عاريا، كنت ما أزال مشدودا. وعدت إلى الصالة فوجدتها ترتدي ثيابها، ارتديت ثيابي أنا الآخر وغادرنا الشقة، وتركت المفتاح في مكان خفي بأعلى بابها. صحبتها إلى محطة الأوتوبيس وسألتني متى سنلتقي، قلت إني سأتصل بها. وعدت أدراجي مشيا إلى منزل أخي، فاشتريت علبة سجائر من البقال المواجه، وتأملت وجهه الذي يحمل دائما تعبير من يوشك على البكاء، ولم يكن هناك أحد في شقة أخي، فدخلت غرفتي وأغلقت بابها خلفي. خلعت حذائي وتمددت على الفراش بملابسي وأشعلت سيجارة، وتطلعت إلى حقيبتي فوق خزانة الملابس، ثم رأيت الكراسة التي كنت أكتب فيها بالأمس ملقاة على المكتب. قمت وجلست إلى المكتب. قرأت آخر ما كتبته، ثم جذبت أحد الأدراج ووضعت الكراسة به وأغلقته بالمفتاح ووضعت المفتاح في جيبي. رن جرس التليفون فخرجت إلى الصالة ورفعت السماعة. كان أخي يسأل عن زوجته، قلت إني بمفردي في المنزل. طلب مني أن أسأل جيراننا فربما تكون قد تركت
نهاد
تلعب مع أولادهم. وضعت السماعة بجوار الجهاز وغادرت المسكن وطرقت باب الشقة المجاورة. قالوا لي إنهم لم يروا زوجة أخي أو ابنته اليوم. عدت إلى أخي فأبلغته بما قالوه، وأعدت السماعة مكانها فوق الجهاز. دق التليفون مرة أخرى وكانت
إنصاف
هي التي تتحدث هذه المرة، قالت إنها تريد أن تبكي. سألتها: ماذا حدث؟ قالت: لم يحدث شيء. وطلبت مني أن أذهب إليها. أعدت السماعة مكانها وذهبت إلى حجرتي فارتديت حذائي ومعطفي وخرجت. ألفيتها منحرفة المزاج وقد برزت جفونها المنتفخة. قالت إنها لا تعرف ماذا حدث لها، لكنها ضاقت فجأة بكل شيء. وكانت أختها تجلس على مقربة، وهي عجوز جافة لا تخلع السواد أبدا، وتدقق النظر من خلف عوينات قديمة في قماش تحيكه. قالت
إنصاف
إنها تريد أن تذهب إلى السينما، فأخذتها إلى فيلم «هيروشيما حبيبي»، وكانت زوجة
عادل
Unknown page