Risala Tadmuriyya
التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع
Publisher
المطبعة السلفية،القاهرة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٩٩ هـ
Publisher Location
مصر
الْفِرْدَوْسِ، الَّذِي هُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَاهَا.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْمَشْهُورِ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَا أُنْزِلَ عَلَيْك أَعْظَمُ؟ قَالَ: " آيَةُ الْكُرْسِيِّ " ثُمَّ قَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إلَّا كَحَلْقَةِ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ "، وَالْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَأَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ مُقَبَّبٌ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جهدت الْأَنْفُسُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، وَهَلَكَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ، وَنَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك، فَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: " وَيْحَك! أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ إنَّ اللَّهَ لَا يُسْتَشْفَعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، إنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ، وَإِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَوَاتِهِ وَأَرْضِهِ هَكَذَا وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ " وَفِي لَفْظٍ: " وَإِنَّ عَرْشَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، وَسَمَوَاتُهُ فَوْقَ أَرْضِهِ هَكَذَا وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ ".
وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى التَّقْبِيبِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَنْ الْفِرْدَوْسِ إنَّهَا أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَاهَا، مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ سَقْفَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَإِنَّ فَوْقَهَا عَرْشَ الرَّحْمَنِ، وَالْأَوْسَطُ لَا يَكُونُ الْأَعْلَى إلَّا فِي الْمُسْتَدِيرِ، فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَلَكٌ مِنْ الْأَفْلَاكِ، بَلْ إذَا قُدِّرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ كُلِّهَا أَمْكَنَ هَذَا فِيهِ سَوَاءٌ قَالَ الْقَائِلُ: إنَّهُ مُحِيطٌ بِالْأَفْلَاكِ، أَوْ قَالَ: إنَّهُ فَوْقَهَا وَلَيْسَ مُحِيطًا بِهَا، كَمَا أَنَّ وَجْهَ
1 / 13