ما الأعذار الأخرى التي يمكن أن يختلقها؟ لقد أصبح قريبا جدا من بلدة كلون الآن بحيث لا يمكنه أن يجد أعذارا بسهولة.
إنه حتى لا يمكنه أن يشعل سيجارة في حال ما كانت يداه ترتعشان كثيرا.
ربما لو فعل شيئا، مهما كانت تفاهته ...
أخذ حزمة الصحف من على الكرسي بجواره، وراح يعيد ترتيبها، منشغلا بخلطها بدون هدف. ولاحظ أن صحيفة «سيجنال» لم تكن بينها. لقد كان ينوي أن يأخذها معه بسبب تلك القصيدة التجريبية القصيرة الغريبة في قسم آخر الأخبار، لكن لا بد أنه تركها في غرفة الطعام في الفندق. أوه، حسنا. لم تكن مهمة. لقد أدت دورها بإضفاء الإثارة على إفطاره. ولا شك في أن مالكها لم يكن يريدها مرة أخرى. لقد وصل إلى فردوسه، إلى غياهب النسيان، إن كان هذا هو ما كان يريده. لم تكن تناسبه مزية اليدين المرتعشتين والبشرة المتعرقة. ولا مزية التصارع مع الشياطين. لم يكن يناسبه الصباح النقي، ولا الأرض الطيبة، ولا سحر خط أفق المرتفعات الاسكتلندية في مواجهة السماء.
وللمرة الأولى خطر له أن يتساءل عن السبب الذي كان قد جعل الشاب يأتي إلى الشمال.
من المحتمل أنه لم يسافر في مقصورة نوم من الدرجة الأولى لمجرد أن يعاقر الشراب حتى يغيب عن الوعي. لقد كان يقصد وجهة معينة. كان لديه مهمة وبغية. كان لديه غاية.
لماذا أتى إلى الشمال في هذا الموسم القاتم غير الجذاب؟ ليصطاد السمك؟ ليتسلق التلال؟ إن المقصورة كما يتذكرها كانت تخلف انطباعا بأنها خالية، ولكن ربما كانت أمتعته الثقيلة تحت السرير. أو ربما كانت في عربة الحقائب. بمعزل عن التنزه والرياضة، ماذا كان مقصده؟
أكان عملا رسميا؟
ليس بذلك الوجه، لا.
هل كان ممثلا؟ فنانا؟ ربما.
Unknown page