دو، ري، فا، مي، صول، لا، سي.
قبلت رأسها الأشيب، ومسكت يديها النحيلتين المعروقتين، هاتان يدان كانتا رقيقتين تضجان بالأنوثة في وقت ما، قبل أن ينهكهما صنع الكسرة والزلابية.
اعتنت بي طوال عمري، منذ وفاة والدي وأنا بعد طفل ألهو، باعت الشاي والقهوة في الطرقات، عملت في المنازل طبخا ومسحا وغسلا لأصحاب الشأن لتؤمن لي إكمال دراستي.
هجرت شبابها وكرست كل نفسها من أجلي.
الآن، لم يعد من أحد غيري ليعتني بها.
ركعت قبالتها، تأملت تجاعيد جهها المتغضن، كل تجعيدة تحكي قصة شقائها ومعاناتها في تربيتي عبر السنين.
لم تنظر لي، لا تزال تحملق في السماء بنظرات ذاهلة. «أنا ولدك يما!»
تحول وجهها ناحيتي ببطء، تنظر لي بعينين زجاجيتين، لا تعرفني!
ثم تتحول النظرة الزجاجية الفارغة إلى نظرة رعب، صرخت، ظنتني لصا.
بكيت يومها في حرقة، وعلى قبرها وضعت قطعة من الزلابية، قطعة مستديرة ذهبية اللون تنز بالزيت.
Unknown page