المطلب الثاني إجازة الورثة ما فوق الثلث
إذا أراد الرجل قبل موته أن يوصي لأحد بما زاد عن الثلث، وأذن له الورثة في ذلك. فهل يحق لهم الرجوع عن إجازتهم هذه بعد موته؟
أجاب الإمام أبو طالب عن هذا السؤال بأن هناك روايتين للإمام الهادي؛ فقال: "فإن استأذن الموصي ورثته في أن يوصي بأكثر من الثلث، فأذنوا له في ذلك، وأجازوا وصيته به في حال حياته؛لم يكن لهم الرجوع فيه بعد موته، هذا الذي نص عليه في (الأحكام)، وقال في (الفنون): لهم أن يرجعوا فيه بعد موته" (1).
ويتضح جليا مما أورده الإمام أبي طالب أنه يوجد مذهبين للإمام الهادي:
الأول: عدم جواز رجوع الورثة بعد موت الموصي فيما أجازوه للموصي وهو حي من الوصية فوق الثلث.
وهذا القول هو اختيار المذهب ومذهب الإمام مالك فيما إذا كانوا أجازوا في صحة الموصي، وهو مفهوم مذهب الإمامية، وقول للأباضية(2).
والآخر: جواز رجوع الورثة.
وهذا القول هو مذهب الإمام مالك فيما إذا كانت الإجازة في حال مرض الموصي، وهو مذهب الأحناف والشافعية والحنابلة، وقول للأباضية(3).
وبالرجوع لما جاء في (الأحكام) و(الفنون)؛ فأني أقول:
- مدرسة الإمام الهادي في (الأحكام) أن الميت إذا أراد أن يوصي قبل موته لأحد بما زاد عن الثلث؛ واستأذن الورثة لذلك؛ فأذنوا له؛ فليس لهم الرجوع عن إجازتهم بعد موته؛ فقال: "فإن استأذن الميت الورثة عند وصيته في أن يوصي لوارثه أو لغير وارثه بأكثر من ثلثه؛ فأذنوا له في ذلك؛ جاز له أن يوصي بمقدار ما أذنوا له فيه، ولم يكن لهم أن يردوا ذلك بعد وفاته عليه" (4).
Page 152