162

Qamus Voltaire Falsafi

قاموس فولتير الفلسفي

Genres

يقول أحد البراهمة لي: «طائفتي هي الفضلى.» ولكن يا صديقي، إذا كانت طائفتك جيدة، فهي ضرورية؛ لأنها لو لم تكن ضرورية على نحو مطلق، لأعلنت لي أنها كانت بلا فائدة. وإن كانت ضرورية على نحو مطلق، فهي للبشر كافة؛ فكيف إذا يمكن ألا يكون لدى البشر كافة ما هو ضروري على نحو مطلق لهم؟ كيف يمكن أن يسخروا منك ومن براهمانيتك؟

حينما يقول زرادشت وهرمس وأورفيوس ومينوس وكل العظماء: «فلنعبد الله، ولنكن عادلين» فلا أحد يسخر من ذلك، لكن الجميع يعترضون على من يدعي أن الإنسان لا يمكنه أن يرضي الله ما لم يكن ممسكا بذيل بقرة حينما يموت، ومن يريد من المرء أن يختن، ومن يقدس التماسيح والبصل، ومن يربط الخلاص الأبدي بعظام الموتى التي يضعها تحت قميصه، أو بالغفران الكلي الذي يشتريه المرء من روما باثنين ونصف سو.

من أين تأتي تلك المنافسة في الاعتراض والسخرية من أحد أطراف العالم إلى الطرف الآخر؟ واضح أن الأشياء التي يسخر منها الجميع ليست حقيقة جلية جدا. ماذا يمكننا أن نقول عن أحد معاوني سيجان، الذي أهدى بيترونيوس كتابا فخما بعنوان: «حقائق النبوءات العرافية: مثبتة بالوقائع»؟

يثبت هذا المعاون لك في البداية أنه كان من الضروري أن يرسل الله على الأرض عرافات عدة، واحدة تلو الأخرى؛ لأنه لم تكن بيده وسائل أخرى لتعليم البشر. ويثبت أن الله تحدث إلى هاته العرافات؛ لأن كلمة «عرافة» تعني «مستشارة الله»، وكان عليهن أن يعشن طويلا ؛ لأن أقل شيء هو أن يحظى الأشخاص الذين يكلمهم الله بهذا الامتياز. كان عددهن اثنتي عشرة؛ فهذا العدد مقدس. وتنبأن قطعا بكل الأحداث في العالم؛ لأن تاركوينيوس سوبربوس اشترى ثلاثة من كتبهن من امرأة عجوز بمائة كراون. يضيف المعاون: «أي رفيق شكاك ذلك الذي يجرؤ على إنكار كل تلك الحقائق البينة التي حدثت في ركن أمام العالم كله؟ من ذا الذي يمكنه أن ينكر تحقق نبوءاتهن؟ ألم يستشهد فرجيل نفسه بنبوءات العرافات؟ إن لم تكن لدينا النماذج الأولى من كتب العرافات المكتوبة في وقت لم يكن الناس يعرفون فيه كيف يقرءون أو يكتبون، أليست عندنا نسخ أصيلة؟ على الإنسان الجاحد أن يصمت أمام تلك الحقائق.» هكذا تحدث هوتيفيللوس إلى سيجان. لقد أمل في أن يحصل على منصب المتنبئ الذي كان من شأنه أن يستحق بسببه دخلا يصل إلى خمسين ألف فرنك، ولم يحصل على شيء.

1

يقول أحد المتعصبين: «ما تعلمنيه طائفتي غامض، أعترف بذلك. وبسبب ذلك الغموض، يجب تصديقه؛ لأن الطائفة نفسها تقول إنه مليء بالغوامض. إن طائفتي متطرفة؛ لذا فهي مقدسة؛ فكيف إذا اعتنق كثير من الناس ما يبدو أنه مجنون للغاية إن لم يكن مقدسا؟» هذا بالضبط مثل القرآن الذي يقول السنيون إن له وجه ملاك وخطم حيوان، فلا تجعلوا خطم الحيوان يصدمكم، واعبدوا وجه الملاك. هكذا يقول هذا الزميل البليد. لكن متعصبا من طائفة أخرى يرد: «إنك أنت الحيوان، وأنا الملاك.»

حسنا، من ذا الذي سيحكم في الأمر؟ من ذا الذي سيختار بين هذين المتعصبين؟ الرجل المنطقي النزيه الذي تعلم بمعرفة لا تكمن في الكلمات، الإنسان البريء من التحيز، المحب للحقيقة والعدالة. وباختصار، إنه الإنسان الذي ليس حيوانا أحمق، ولا يظن نفسه الملاك. (2) القسم الثاني

كلمتا «طائفة» و«خطأ» مترادفتان. أنت مشاء وأنا أفلاطوني؛ ولذلك كلانا مخطئ؛ لأنك تناهض أفلاطون فقط لأن خيالاته استفزتك، ولأني ناء عن أرسطو فقط لأنه يبدو لي لا يعرف عما يتحدث. لو أن أحدهما أو الآخر أثبت الحقيقة لما بقيت هناك طائفة . يماثل إعلان امرئ أنه مناصر لرأي امرئ أو آخر، الانحياز إلى أطراف في حرب أهلية. ما من طوائف في الرياضيات، ولا في التجارب الفيزيائية. من يدرس العلاقات بين مخروط ومجال لا ينتم إلى طائفة أرشميدس، ومن ير أن مربع جيب الزاوية اليمني في المثلث مساو لمربع جيب الزاويتين الأخريين لا ينتم إلى طائفة الفيثاغوريين.

حينما تقول إن الدم يدور والهواء كثيف وأشعة الشمس حزم ضوئية من سبعة أطياف قابلة للانكسار فأنت لا تكون من طائفة هارفي، ولا طائفة توريتشيللي، ولا طائفة نيوتن، وإنما تتفق مع حقيقة أثبتوها، وسيبقى الكون كله مع رأيك هذا.

هذه طبيعة الحقيقة؛ إنها لكل الأزمان ولكل البشر، وما عليها إلا أن تعرض نفسها حتى نتعرف عليها، ولا يمكن للمرء أن يجادل ضدها. ويشير الجدال الطويل إلى أن «كلا الفريقين مخطئ.»

Unknown page