الحكم بالبينة أو اليمين وهذا كما ترى مخالف لما دل عليه الدليل وتقرر في باب الدعاوى من الحكم بالبينة أو اليمين من غير فحص عن حال المدعى أصلا وأي خصوصية لدعوى الاعسار أخرجتها عن قضية ما تقرر في باب الدعاوى بقول مطلق.
فإن قيل إن مراده من قوله كشف هو الكشف بالبينة أو اقرار الخصم لا كشف الحاكم عن الصدق و الكذب أولا بغيرهما ثم مراعاة ما تقرر في باب الدعاوى حتى يرد عليه ما ذكر قلنا مضافا إلى أنه يرد عليه أنه مخالف لظاهر العبارة انه لو كان المراد من الكشف الكشف بالبينة أو بإقرار الخصم يلزمه تكرار في المقام حيث إن قوله وهل يحبس حتى يتبين حاله فيه تفصيل ذكر في باب المفلس كان دالا عليه وكافيا في اثبات الانظار في صورة كشف حاله بالبينة لأنه قد ذكر في باب المفلس ما هذا لفظه انه إن لم يكن له مال ظاهر وادعى الاعسار فإن وجد البينة قضى بها وإن عدمها وكان له أصل مال أو كان أصل الدعوى مالا حبس حتى يثبت اعساره فإن شهدت البينة بتلف أمواله قضى بها ولم يكلف اليمين ولو لم يكن البينة مطلعة على باطن امره أما لو شهدت بالاعسار مطلقا لم تقبل حتى تكون مطلعة على باطن أمره بالصحبة المؤكدة وللغرماء احلافه دفعا للاحتمال الخفي وإن لم يعلم له أصل مال وادعى الاعسار فثبت دعواه ولا يكلف بالبينة وللغرماء مطالبته باليمين انتهى كلامه.
وإن قيل إن مراده منه هو مطلق الكشف الشامل للفحص عن حاله بغير البينة وبها فيلزم المحذوران إذ لا دليل على الكشف بغير البينة ويكفي في الكشف بالبينة قوله الأخير هذا حاصل ما أورده الأستاذ العلامة دام ظله على ظاهر العبارة من الاشكال.
لكنه أجاب دام ظله عن الاشكال المذكور بجوابين أحدهما أن يقال إن مراده من الكشف هو الكشف بالبينة لا البحث عن حاله بغيرها حتى يعلم صدقه وكذبه فمقصوده هنا التعرض لحكم الثبوت بالبينة ولا يلزم عليه تكرار أصلا لان المقصود من قوله فيه تفصيل ذكر في باب المفلس الإشارة إلى ما ذكره هناك في صورة عدم وجوب البينة من قوله وإن عدمها وكان له أصل مال الخ فلا يلزم عليه شئ من المحذورين لا التكرار ولا المحذور الأول وهو كون ما ذكره مخالفا لما تقرر في باب الدعاوى وهذا التوجيه وإن كان بعيدا عن ظاهر العبارة ابتداء إلا أنه غير بعيد بعد التأمل فيها وكلمات الشارحين وكلمات الأصحاب قال الفاضل في القواعد على ما حكى عنه فإن ادعى الاعسار وثبت صدقه إما بالبينة المطلعة على حاله أو بتصديق الخصم لم يحل حبسه وانظر إلى أن يوسر فإن مات فقيرا سقط وإن عرف كذبه حبس حتى يخرج من الحق وإن جهله بحث الحاكم فإن ثبت اعساره انظر ولم يجب دفعه إلى غرمائه ليستعملوه وإن اشتبه فإن عرف ذا مال أو كان أصل الدعوى مالا حبس حتى يثبت اعساره وإلا حلف على الفقر انتهى ما حكي عنه قدس سره وكلامه هذا وإن كان يرد عليه أيضا إشكال بحسب ظاهره من حيث اشتماله على التكرار لكنه صريح في أن المراد بالبحث هو البحث بالبينة.
ثانيهما أن يقال إن المراد من الكشف هو كشف الحاكم ابتداء بغير البينة حسبما يترائى من العبارة في بادي النظر إلا أن المقصود منه ارشاد الحاكم إلى سقوط كلفة البينة عنه لأنه كثيرا ما إذا كشف ينكشف له الحال ولا يحتاج إلى كلفة البينة وملاحظة شرايطها وليس المقصود منه انه يجب على الحاكم في خصوص المقام البحث عن حال المدعي أولا بحيث كان هو الوظيفة المقررة له قبل البينة واليمين في الشرع حتى يرد عليه ما ذكر من كونه مخالفا لما تقرر في باب الدعاوى هذا.
Page 98