شكل 7-5: على الرغم من أن نيوتن كان لا يزال يعتقد أن مذنبي نوفمبر وديسمبر عام 1680 مختلفان، فإن مخططه البسيط والمبتكر في الوقت نفسه يعرض مسارا محتملا لمذنب واحد خلف الشمس.
قدم الشرح المغناطيسي التفسير الأمثل لتأثير الشمس على الكواكب لما يقرب من قرن. وكان رفض نيوتن الكامل له - والقائم على فهم لطبيعة المغناطيسات يعود أصله إلى مفكرته «الأسئلة الفلسفية» - بالغا. ففي خطاب آخر، أشار إلى أن القوة «التوجيهية» للمغناطيس كانت أقوى من قوته «الجاذبة»، ومن ثم فبمجرد أن يصبح جسم ما في موضع يؤهله للانجذاب بواسطة مغناطيس، فإنه يظل دائما في هذا الموضع ومن ثم يظل منجذبا دائما. وما أن تجذب الشمس المذنب، لا تبعده أبدا، إلى جانب أنه حتى إذا وقع تأثير قوة مغناطيسية طاردة، كانت ستبعد المذنب في وقت ما «قبل» الحضيض الشمسي (عند النقطة
K
في الشكل
7-5 ). وكان المذنب سيكمل رحلته، مسرعا بعيدا بسرعة عن الشمس على جانبه الآخر.
كان رفض نيوتن للقوة المغناطيسية الطاردة - كالمعتاد - جديدا ومبتكرا إلى حد هائل. فلو كان المذنب خاضعا فقط لقوة جاذبة متواصلة، لخفف ذلك من سرعة المذنب عند مغادرته للشمس، وجعل المذنب يسير عبر مدار قريب من ذلك المدار المرصود. وربما لم يكن نيوتن قد رأى أن الحل الخاص بوجود مذنب واحد، يستخدم قوة جاذبة فقط، هو حل عملي إلا في هذه المرحلة. غير أنه في خطاب إلى فلامستيد، مستخدما نفس المصطلح الذي ذكره في خطابه إلى هوك، ذهب نيوتن إلى أن «القوة الطاردة» قد «تفوقت» على قوة الجذب عند نقطة الحضيض الشمسي، مما أتاح للمذنب الابتعاد عن الشمس رغم وجود قوة الجذب. وعلى الرغم من أن نيوتن قد تخلى عن هذا المفهوم الخاص بالقوة الطاردة باعتبارها الميل (أو المعيار) للجسم الدوار للابتعاد عن الجسم الجاذب، فقد كان مفهوم الجذب المتواصل حجر الزاوية للديناميكيات الأكثر نضجا لكتاب «المبادئ الرياضية». فقد كان آنذاك على وشك إدراك كيفية التعامل مع المذنبات كأي أجرام سماوية أخرى؛ ولكن كان لا يزال يفصله عن ذلك ثلاث سنوات.
حركة الأجسام الدوارة
حين زار إدموند هالي كامبريدج لرؤية نيوتن في أغسطس 1684، كان ذلك نتاجا للمناقشات التي دارت في لندن فيما بين العلماء لفترة من الوقت حول الحركات السماوية. وعندما سأله هالي - وفقا لما ذكره نيوتن - عن شكل المنحنى الذي سينتج من قانون التربيع العكسي للقوة، أجاب نيوتن على الفور بأنه قدر أنه سيكون قطعا ناقصا. غير أن نيوتن عندما بحث عن إثبات لذلك لم يجده، واضطر هالي للانتظار حتى نوفمبر، عندما تلقى أطروحة رياضية قصيرة بعنوان «عن حركة الأجسام في الفلك». كان الكون الموضح في أطروحة «حركة الأجسام» عبارة عن منظومة مجردة للأجسام المتحركة تتبع قوانين رياضية معينة. وابتكر نيوتن مصطلح «قوة الجذب المركزي» لوصف القوى الجاذبة مركزيا التي تعمل ضمن منظومته تلك، وعرف تلك القوة التي «يسعى بها أي جسم للاستمرار في حركته عبر خط مستقيم» بأنها «قوة فطرية». وبربطه بزعم آخر بأن الأجسام تستمر في التحرك بلا نهاية عبر خط مستقيم ما لم يؤثر عليها شيء، كان هذا هو الأساس لقانون الحركة الأول في كتاب «المبادئ الرياضية». وتحت عنوان «الفرضية 3» وصف أيضا نسخة أولية من قاعدة «متوازي أضلاع القوى» والتي أصبحت في النهاية قانون الحركة الثاني في كتاب «المبادئ الرياضية».
كانت إحدى ركائز تحليله إثباته لقانون كبلر الثاني في «النظرية رقم 1» من أطروحة «حركة الأجسام»، وهو القانون الذي تقطع بموجبه الأجسام مساحات متساوية في أزمنة متساوية، والذي ينطبق على جميع الأجسام التي تدور حول مركز إحدى القوى. قسم هذا التحليل المساحة الناتجة عن الحركة الدوارة إلى عناصر متناهية الصغر، مع ملاحظة أن الجسم الدوار يتعرض في كل لحظة ل «دفعات» تغير اتجاه الجسم بقدر متناهي الصغر وتكون سلسلة من المثلثات متناهية الصغر لكل منها نفس المساحة. غير أن النظريتين 2 و3 لم تتعاملا مع الدفعات، وإنما مع قوى متواصلة، أمكن التعامل معها في النهاية في إطار معادلة العجلة المتواصلة (المنتظمة) التي اكتشفها جاليليو. وقد استمر هذا النزاع بين هذين الحسابين المختلفين للقوة، إحداهما «دفعية» تقاس بضرب الكتلة في السرعة ( = الزخم)، والأخرى «متواصلة» تقاس بضرب الكتلة في العجلة ، في كتاب «المبادئ الرياضية».
شكل 7-6: إثبات نيوتن (في كتاب «المبادئ الرياضية»، الكتاب الأول، الفرضية رقم 1) لقانون كبلر الثاني. إن الجسم الذي يدور عبر المسار
Unknown page