214

Al-Nawādir al-Sulṭāniyya waʾl-Maḥāsin al-Yūsufiyya

النوادر السلطانية و المحاسن اليوسفية

Editor

الدكتور جمال الدين الشيال [ت ١٣٨٧ هـ]

Publisher

مكتبة الخانجي

Edition

الثانية

Publication Year

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

Publisher Location

القاهرة

في الخندق يقطعون الموتى والدواب التي يفوتها فيه قطعًا ليسهل نقلها. وقسم ينقلون ما يقطعه ذلك القسم ويلقونه في البحر، وقسم يذبون عنهم ويدافعون حتى يتمكنوا من ذلك وقسم في المنجنيقات وحراسة الأسوار وأخذ منهم التعب والنصب وتواترت شكايتهم من ذلك، وهذا ابتلاء لم يبل بمثله أحد ولا يصبر عليه جلد. وكانوا يصبرون والله مع الصابرين. هذا والسلطان لا يقطع الزحف على خنادقهم بنفسه وخواصه وأولاده ليلًا ونهارًا حتى أثرت فيه الأثر البين وكلما ازدادوا في قتال البلد ازداد هو في قتالهم وكبس خنادقهم والهجوم عليهم حتى خرج منهم شخص يطلب من يتحدث معه فلما أخبر السلطان بذلك قال إن كان لكم حاجة فليخرج منكم واحد فأما نحن فليس لنا إليكم حاجة ولا شغل ودام على ذلك متصلًا الليل مع النهار حتى وصل الأنكتار
ذكر وصول الأنكتار
ولما كان يوم السبت ثالث عشر الشهر قدم ملك الأنكتار بعد مصالحته لصاحب جزيرة قبرص والاستيلاء عليها وكان قدومه روعة عظيمة ووصل في خمس وعشرين شانية مملوءة بالرجال والسلاح والعدد وأظهر الإفرنج سرورًا عظيمًا حتى أنهم أوقدوا تلك الليلة نيرانًا عظيمة كبيرة وكان ملوكهم يتواعدوننا به فكان المستأمنون منهم يخبروننا عنهم أنهم متوقفون فيما يريدون فيما يفعلوه من مضايقة البلد حتى قدومه فإنه ذو رأي في الحرب مجرب وأثر قدومه في قلوب المسلمين خشية ورهبة، هذا والسلطان يتلقى ذلك كله بالصبر والاحتساب والاتكال على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه.

1 / 243