فإن حجبني الموت عنكم الآن وضمني الصمت العظيم بين طيات سكينته، فإنني سأنشد إدراككم مرة أخرى، ولن تذهب أتعابي في ذلك الحين عبثا.
فإن كنت قد خاطبتكم اليوم بالحق الصريح، فإن هذا الحق سيظهر ذاته لكم في ذلك اليوم بصوت أنقى من صوته اليوم، وبكلمات أقرب إلى أفكاركم من كلماته اليوم. •••
إنني ماض مع الريح، يا أبناء أورفليس، ولكنني لن أهبط إلى العالم السفلي، إلى الفراغ المرعب.
فإذا لم يكن هذا اليوم قد أكمل حاجاتكم وأفعمكم من محبتي، فليكن موعدا ليوم آخر.
فإن حاجات الإنسان تتبدل، ولكن محبته لا تتغير ومثلها رغبته في أن تشبع المحبة حاجاته.
فاعلموا إذن أنني سأرجع إليكم من عالم الصمت والسكينة؛
لأن الضباب الذي يفارق الأرض عند بزوغ الفجر من غير أن يترك سوى قطرات صغيرة من الندى في الحقول، إنما يرتفع في الجو لكي يتجمع هنالك، فيؤلف السحاب الذي لا يلبث أن يعود إلى الأرض مطرا غزيرا.
وقد كنت بينكم مثل هذا الضباب؛
ففي سكينة الليل كنت أمشي في شوارعكم، وكنت أدخل بروحي إلى أعماق منازلكم،
وكانت نبضات قلوبكم تتردد في قلبي وسحائب لهاثكم تنتشر على وجهي، وقد عرفتكم بعجركم وبجركم.
Unknown page