شاهدت روز فلو وهي ذاهبة إلى باب السقيفة الخشبية، وسمعت وقع خطواتها عبر السقيفة، وتوقفها في مدخل الباب حيث لم يركب بعد الباب الشبكي، ولا يزال الباب الذي يحمي من العواصف مفتوحا ومسنودا بأحد قوالب الطوب. أخذت فلو تنادي على والد روز بصوت محذر ومنذر، كما لو كانت تعده لسماع أخبار سيئة خلافا لرغبتها. سوف يعلم السبب وراء ذلك.
احتوى مشمع أرضية المطبخ على خمسة أو ستة نقوش مختلفة، فكان عبارة عن بقايا حصلت عليها فلو مقابل ثمن بخس، وشذبتها ووفقت بينها ببراعة، وأحاطتها بإطار من شرائط القصدير والمسامير. بينما كانت روز تجلس على الطاولة منتظرة ما سيحدث، نظرت إلى الأرضية وللترتيب الجيد للمستطيلات والمثلثات وشكل آخر أخذت تحاول تذكر اسمه. وفي تلك اللحظات، سمعت روز خطوات فلو وهي عائدة على اللوح الخشبي السميك ذي الصرير الموضوع على الأرضية المتسخة في السقيفة الخشبية. تباطأت في خطواتها، وأخذت تنتظر هي أيضا. لم يعد بإمكانها هي وروز التحمل أكثر من ذلك وحدهما.
سمعت روز والدها وهو آت نحوهما، فتسمرت مكانها، وسرت قشعريرة في ساقيها، وشعرت بارتجافهما على مشمع الطاولة. بعد أن شتت انتباه والدها عن مهمته التي كان مستغرقا فيها في سلام، وعن الكلمات التي كانت تدور في رأسه، وعن نفسه، كان عليه قول أي شيء. فقال: «حسنا. ما الخطب؟»
وفي تلك اللحظة، تغير صوت فلو، فصار قويا ومتألما وآسفا. يبدو أنها تمكنت من اصطناعه في تلك اللحظة على الفور، فعبرت عن أسفها لاضطرارها استدعاء الأب من عمله، وقالت إنها ما كانت لتفعل ذلك لولا أن روز أثارت جنونها. كيف ذلك؟ بردودها الوقحة، وقلة حيائها، وبذاءة ألفاظها. كانت كلمات روز لفلو على قدر من الوقاحة بحيث إنها لو كانت فلو قد قالتها لوالدتها لأوسعها والدها ضربا.
حاولت روز التدخل لتوضح أن ما يقال غير صحيح.
ما الذي غير صحيح؟
رفع والدها يده دون أن ينظر إليها، وقال: «فلتصمتي!»
عندما قالت روز إن هذا الكلام غير صحيح، كانت تعني أنها لم تبدأ العراك، وإنما ردا منها على ما قيل لها فحسب، وأن فلو هي التي دفعتها إلى ذلك، وهي تتحدث الآن بأبشع الأكاذيب، محرفة كل شيء ليوافق روايتها. تجاهلت روز مؤقتا علمها بأن أي شيء ستقوله فلو أو تفعله، وأي شيء تقوله هي نفسها أو تفعله، لا يهم على الإطلاق. ما يهم هو الصراع، وهو الأمر الذي لا يمكن إيقافه، لا يمكن ذلك أبدا، لا سيما بعد المرحلة التي وصلتا إليها في تلك اللحظات.
كانت ركبتا فلو متسختين، بالرغم من الوسادة التي أسندتهما عليها. وكانت ممسحة التنظيف لا تزال معلقة فوق قدم روز.
مسح والدها يديه أثناء استماعه لفلو. لم يتعجل الأمور؛ إذ كان بطيئا في استيعاب ما يحدث، وضاق ذرعا مقدما. لعله كان على وشك رفض الدور الذي ينبغي عليه ممارسته. لم ينظر إلى روز، ولكن مع أي صوت أو حركة تصدر عنها، كان يرفع يده.
Unknown page