لبى ذو الوجه الملائكي الأمر المكلف به على الفور. فأدى التحية أمام قائد الكشافة وقدم قوسا إضافيا وجعبة من السهام. بحزم علق جعبة السهام على كتفه وشد حزامها على صدره. وبحزم استحوذ على القوس ووضع السيف في غمده. «فتى الكشافة رقم اثنين!»
ابتسم بيل السمين الطيب على سبيل التحية التي لم يستطع أداءها وهو يظهر من خلف شجيرات نبات الليلك، وقد جمع على ذراعه بضع ثمار طماطم كبيرة تامة النضج. «كشافة اثنين، تقدم وأد واجبك!» كان الأمر؛ فتهادى بيل السمين الطيب إلى السياج ووضع ثمرة طماطم حمراء كبيرة على العارضة بالضبط حيث يفترض أن يقع القلب في جسم كل من الهنود المرسومين رسما عشوائيا.
وبدأت الحركة فجأة؛ حركة هائجة. وكان صوت قائد الكشافة حادا متحمسا. «انتبهوا يا فتيان الكشافة! الهنود الحمر سيداهموننا. إن منازلنا وأطفالنا وحياتنا في خطر! الزموا الكمين. وحين تتمكن منهم يا جريجزبي أطلق النار إذا كنت مستعدا! صوب على قلوبهم الهندية اللعينة! صوب عليهم لترديهم قتلى!»
انطلق قائد الكشافة ليقف وراء نبات لزان المكنسي، وشد سهما إلى وتر القوس، واختار ثمرة الطماطم التي اتخذت موقع قلب الهندي الأحمر الأول لتكون هدفه الخاص. واختار بيل والطفل المطيع وذو الوجه الملائكي لأنفسهم جنبات وأشجارا مختلفة في الحديقة، وعند انطلاق صيحة قائد الكشافة الحادة قائلا: «هجوم!» ضربت السهام السياج، بدرجات متفاوتة من إصابة الهدف.
جلس جيمي يشاهد أفعالهم. وكان مترددا بشأن موقفه في هذه الظروف. فالسياج الذي كان أبيض بياضا شديدا ولامعا اكتسب شكلا غير مقبول مقارنة بجمال الحديقة. كما أن جيمي نفسه أراد كمية وفيرة من تلك الطماطم الحمراء، فقد خطر له، وهو يجمع تلك التي كان يحضرها في المطبخ، أنه من الممكن بدلا من أن يترك كميات كبيرة منها تهدر أن يحملها إلى أقرب كشك خضراوات في المنطقة ويحصل في المقابل على ما يكفي على الأقل لشراء صندوق توت أسود أو توت أحمر أو طعام ضروري آخر قد يحتاج إليه. وكان ثمة احتمال أن تباع ثمرات ممتازة مثل تلك الطماطم مقابل مبلغ كاف يملأ به مجددا درج النقود التي كان من المفترض أن يشتري بها الحليب والثلج والجريدة اليومية.
بينما كان يتأمل هذه الأشياء اضطرب الجو بسلسلة من الصيحات الحادة. لو كان جيمي معصوب العينين كان سيجزم أن هناك خمسة وعشرين طفلا لا أربعة. ولم يعد ممكنا أن تعرف بيل السمين الطيب من ذي الوجه الملائكي. وقد اختفى قائد الكشافة في سلسلة من الجولات التي دار فيها هائجا شملت القفز برشاقة فوق أحواض الزهور، والاختباء وراء الأشجار، والدوران حول الأجمة، والزحف وبطنه ملاصقة للأرض. أصاب وابل من الأسهم السياج محدثا ضجيجا، وفي الحال، بدا أنه كلما اشتد هياج المعمعة، زادت السهام التي تصيب الهدف مباشرة، فبدأت الطماطم تسقط متناثرة. وفي وسط الجلبة أصاب سهم صوب بدقة شديدة ثمرة طماطم كبيرة جدا آتيا من أسفل بعض الشيء فأوقعها من السياج. ومن بين الصيحات الهائجة استطاع جيمي أن يميز صوت قائد الكشافة وهو يصيح قائلا: «ها! هندي أحمر آخر سقط صريعا!» والصيحات تجيبه قائلة: «اتصلوا بسيارة الإسعاف!» «ضعوه على الثلج!» وعلى نحو مفاجئ استرخى جيمي في جلسته وبدأ يضحك بهدوء، حيث بدأ يستمتع بالأمر. ثم وجد نفسه يجثو على الأرض ويسير على قدميه وركبتيه. ويجمع حفنة من الحصى من الممشى، وبعد ذلك، مستترا بشجرة الجاكرندا، جعل يصوب بدقة وإتقان على الطماطم التي شكلت قلوب الهنود الحمر. وعند رؤية هذا ثار حماس قائد الكشافة. وصاح: «أمطرهم!» ثم تابع: «هلموا! هنا يبدأ الغرب!»
عندئذ أطلق ذو الوجه الملائكي سهما طار فوق السياج.
صاح قائد الكشافة: «رمية خاطئة!» وأضاف: «صوب تحت الحزام. هيا نسلخ فروات رءوس المستوطنين الأصليين.»
وبعد أن استنفد سهامه اختفى ذو الوجه الملائكي لوهلة، ثم عاد إلى المعركة وهو يقرع طبلة النحل وصاح: «أقبلوا! اجهزوا بأسلحتكم!»
جاء الطفل المطيع يعدو في الممشى مع دفعة جديدة من الطماطم.
Unknown page