Page 0
مقدمة
د/ المرابط محمد يسلم المجتبى، لتحقيقه للكتاب]
Page 0
- بسم الله الرحمن الرحيم -
نحمد الله على أن شرح صدورنا بنور الاهتداء وطهر قلوبنا عن دنس الشبه والادعاء، ونشكره على أن وفقنا لمسالك السعداء وأزاحنا عن وساوس الخذلة الأشقياء. ونصلي على محمد المبعوث من أشرف القرون أشرف الأنبياء المعزز بأصهار وأنصار من البررة الأتقياء، وعلى آله وأزواجه الطاهرات عما تقيح به أهل الأهواء، وأصحابه الهداة في غياهب الضلال كالنجم في السماء.
وبعد، فهذه أبحاث وافية وأقوال كافية في تحقيق ما هو عقيدة وصنيعة للشيعة الشنيعة وبيان أنهم هل يكفرون بتلك العقيدة والصنيعة، مفرغة في قالب الإيجاز والاختصار مستنبطة من مشاهير التفاسير ودواوين الأخبار، مع ما سمحت به آراء أكابر الأئمة وعلماء الأمة الذاهبين في المذاهب الأربعة المستقيمة السالكين منهج السنة القويمة. جمعتها بعد ما شاهدت بعض العلماء يكفر هؤلاء الكافرين وبعضا آخر يكفر المكفرين. وإني وإن عددت إرضاء المنكر أعز من بيض النوق ومناط العيوق، إلا أني لاحظت في ذلك ما رواه الخطيب البغدادي في كتاب جامع الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا ظهرت البدع وسب أصحابي فليظهر العالم علمه ومن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا". فجاءت بحمد الله تعالى رسالة عذراء لم يظفر أحد بمثالها ومجموعة غراء لم ينسج على منوالها. فتوسلت بها إلى عتبة خاقان خواقين الآفاق سلطان السلاطين على الإطلاق مالك رقاب الأمم قهرمان الروم والعرب والعجم حامي بلاد الإسلام ماحي الكفرة الطغام مشيد قواعد الأمن والأمان ممتثل {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}
Page 1
السلطان ابن السلطان، السلطان محمد خان بن السلطان إبراهيم خان، لا زال غصن الإقبال بسحائب ميمنته منصورا وما برح مجاهدا في سبيل الله منصورا. وأدام الله تعالى أيام الصدر المكرم والدستور المعظم المستعلي على متقدمي الوزراء استعلاء الشمس على كواكب السماء الفاروق بين السين والشين المهتدي في الدنيا والدين مصداق {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} الوزير الأعظم أحمد باشا لا زال قائما بمصالح الإسلام.
وهذه دعوة شاملة للأنام، فإن وقعت في حيز القبول فهو منتهى المنى والمأمول. وهي مرتبة على
مقدمة
وأربع مقالات وخاتمة. أما المقدمة ففي الاجتهاد والإفتاء. وأما المقالات فالأولى في بيان فرق أهل القبلة وتفصيل عقائد الشيعة منهم. والثانية في الآيات التي أخذ العلماء منها القول بكفر الشيعة والأحاديث الواردة في حقهم. والثالثة في إفتاء العلماء بكفرهم. والرابعة في بيان حال متأخريهم وأنه لا يشتبه في أن دارهم دار كفر حكما وإفتاء العلماء بذلك. وأما الخاتمة ففي تحصيل المقال والتكلم على الإجمال.
مقدمة
الاجتهاد لغة على ما ذكره عضد الملة والدين: تحمل الجهد في أمر واصطلاحا استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي. قال العلامة التفتازاني في التلويح: وهذا هو المراد بقولهم بذل المجهود لنيل المقصود. وقال الشيخ الإمام البزدوي في أصوله: الكلام في شرطه وحكمه، أما شرطه فأن يحوي علم الكتاب بمعانيه ووجهوهه التي قلنا وعلم السنة بطرقها ومتونها ووجوه معانيها وأن يعرف وجوه القياس على ما تضمنه كتابنا هذا، وأما حكمه فالإصابة بغالب الرأي حتى قلنا إن المجتهد يخطئ أو يصيب، وقالت المعتزلة كل مجتهد مصيب. انتهى. وقال في
Page 2
التلويح: المراد بالكتاب قدر ما يتعلق بمعرفة الأحكام والمعتبر هو العلم بمواقعها بحيث يتمكن من الرجوع عند طلب الحكم لا الحفظ عن ظهر قلب. ثم صرح في أسانيد الأحاديث بالاكتفاء بالرجوع إلى كتب الأئمة الموثوق بهم كالبخاري ومسلم والبغوي والصغاني وغيرهم، وخصص السنة بالأحاديث الواردة في الأحكام. وقال السبكي في جمع الجوامع: المجتهد الفقيه هو البالغ العاقل ذو ملكة يدرك بها المعلوم، ذو الدرجة الوسطى لغة وعربية وأصولا وبلاغة ومتعلق الأحكام في الكتاب والسنة وإن لم يحفظ المتون. ثم ذكر اشتراط العلم بالإجماع أهو واقع فيما يجتهد فيه أم لا لئلا يخرقه، وبالنسخ وأحوال روايات الأحاديث. وقال: ويكفي في زماننا الرجوع إلى أئمة ذلك. وقال الإمام في المحصول ما حاصله ما سبق نقلا عن التلويح في كفاية رجوعه إلى كتب الحديث المعتبرة. وقال ابن حجر: أدون أصحابنا فمن بعدهم بلغ ذلك، فأكثر من أفتى في المتأخرين بكفر الروافض والطائفة اليزيدية المرتدين مجتهدون، وقال كثيرون لا يشترط علم الكلام لعدم الحاجة إليه وكذا القياس وفروع الفقه لتوقفها على الاجتهاد ولزوم الدور من توقفها عليها، وقالوا يجوز تجزئ الاجتهاد وهو أن يجتهد الفقيه في بعض المسائل ويجهل كثيرا منها واستدلوا عليه بالعقل والنقل، أما العقل فهو أنه لو اشترط عدم التجزئ لوقع العلم بالجميع واللازم منتف قالملزوم مثله. وأما النقل فهو ما ذكره ابن الحاجب في مختصر المنتهى من أن مالكا رضي الله عنه مع الاتفاق على اجتهاده سئل عن أربعين مسئلة فقال في ستة وثلاثين لا أدري وأفتى في أربع منها. ونقل في التلويح عن الغزالي سبب ذلك. وليس كل من انتحل شبهة كأكثر أهل البدع في زماننا مجتهدا كما صرح به ابن حجر بعد نقله عن كثيرين
Page 3